- بدء الطعن على عثمان رضي اللَّه عنه (?) :

أقام عبد اللَّه بن سعد بذات الصَّوَاري بعد الهزيمة أياماً، ورجع فكان أول ما تكلم به "محمد بن أبي حذيفة ومحمد بن (?) أبي بكر (?) " في أمر عثمان في هذه الغزوة، وأظهروا عيبه، -[76]- وما غيَّر وما خالف به أبا بكر وعمر، ويقولان: إنه استعمل عبد اللَّه بن سعد رجلاً كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قد أباح دمه، ونزل القرآن بكفره، وأخرج رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قوماً وأدخلهم. ونزع أصحاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم. واستعمل سعيد بن العاص (?) وابن عامر. فبلغ ذلك عبد اللَّه بن سعد فقال: ألا تركبا معنا؟ فركبا في مركب ما معهما إلا القبط، فلقوا العدو، فكانا أقل المسلمين نكاية وقتالاً، فقيل لهما في ذلك، فقالا: كيف نقاتل مع عبد اللَّه بن سعد، استعمله عثمان وعثمان فعل كذا وكذا؟ فأرسل إليهما عبد اللَّه ينهاهما، ويتهددهما، ففسد الناس بقولهما، وتكلموا ما لم يكونوا ينطقون به.

وروي أن محمد بن أبي حذيفة جعل يقول للرجل: أما واللَّه لقد تركنا خلفنا الجهاد حقاً، فيقول الرجل: وأيّ جهاد، فيقول: عثمان بن عفان فعل كذا وكذا. واستحل كلاهما دم عثمان.

ولد محمد بن أبي حذيفة بأرض الحبشة على عهد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وهو ابن خال معاوية بن أبي سفيان أخذه عثمان بن عفان عنده بعد أن قتل أبوه حذيفة فكفله إلى أن كبر، ثم سار إلى مصر فصار من أشد الناس تأليباً على عثمان -[77]-.

وأما محمد بن أبي بكر فقد ولد في حجة الوداع بذي الحليفة لخمس بقين من ذي العقدة، والذي دعا محمد بن أبي حذيفة إلى الخروج على عثمان أنه كان يتيماً في حجر عثمان، فسأله عثمان العمل حين ولي، فقال: يا بني لو كنت رضًى، ثم سألتني العمل لاستعملتك، ولكن لست هناك. قال: فأذن لي فلأخرج فلأطلب ما يقوتني. قال: اذهب حيث شئت، وجهَّزه من عنده، وحمله وأعطاه، فلما وقع إلى مصر كان فيمن تغير عليه أن منعه الولاية.

ثم إن الذي دعا محمد بن أبي بكر إلى الطعن في عثمان أن محمداً كانت عليه دالة، فلزمه حق، فأخذه عثمان من ظهره ولم يُدْهِن فاجتمع هذا إلى هذا فصار مذمماً بعد أن كان محمداً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015