أنْ - ما
أ- (أنْ) تأتي في الأساليب على عدة أوجه: أشهرها أن تكون حرفا مصدريا ناصبا للفعل المضارع نحو قوله تعالى: {وأن تصوموا خير لكم} (البقرة: 174) ، وقوله تعالى: {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم} (الحديد: 16) ، وليس دخولها قاصرا على الفعل المضارع فقط، بل تدخل على الفعل الماضي أيضا نحو قوله تعالى: {ولولا أن منّ الله علينا} (الإسراء: 74) ، وتدخل أيضا على فعل الأمر كحكاية سيبويه: كتبت إليه بأن قمْ.
وإذا كان المشهور في (أن) نصبها للفعل المضارع فقد ذكر بعض الكوفيين وأبو عبيدة واللحياني أن بعضهم يجزم بها وأنشدوا على ذلك قول امرئ القيس:
إذا ما غدونا قال ولدان أهلنا ... تعالوا إلى أن يأتنا الصيد نحطب1
وقول جميل بثينة:
أحاذر أن تعلم بها فتردها ... فتتركها ثقلا عليّ كما هيا2
فيأتنا في البيت الأول مجزوم بأن، وكذلك تعلم في البيت الثاني.
وقد تهمل (أن) في الكلام، فلا تنصب ولا تجزم، ويكون فالفعل بعدها مرفوعا، فهي بهذا تقترض هذا الحكم من (ما) ، ومثال (أن) المهملة قراءة ابن محيصن: {لمن أراد أن يتمُّ الرضاعة} (البقرة: 233) برفع الفعل المضارع (يتم) وقد اعترض على الاستدلال بالآية، بأن صله يتمون، فهو منصوب بحذف النون وحذفت الواو للساكنين، واستصحب ذلك خطا، والجمع باعتبار معنى من تكلف.
ومثال (أن) المهملة أيضا قول الشاعر:
أن تقرآن على أسماء ويحكما ... منّي السلام وأن لا تشعرا أحدا
فتقرآن فعل مضارع مرفوع بثبوت النون على الرغم من تقدم (أن) عليه؛ لأنها هنا مهملة.
وقد اعترض الكوفيون على الاستدلال بهذا البيت، فزعموا أنّ (أنْ) في البيت مخففة من الثقيلة شذ اتصالها بالفعل.