ومر على الأمة الإسلامية أجيال بل قرون لا تكاد تسمع فيها أن حد ردة أقيم على زنديق مجاهر أو ملحد مكابر، في حين أن الآلاف من الأرواح تزهق لأسباب سياسية أو خلافات شخصية! ، أما الأحكام المتعلقة بأهل الذمة من جزية وصغار ونحوها، فقد اتفقت كل الأنظمة في نسخها وإلغائها وإنسائها، وعز الكفار في كل بلد، وضرب الذل والصغار على من يدعوهم إلى معاملتهم بحكم الله عز وجل، وصار أهل الكتاب - بل عباد البقر ـ يخططون لإخراج المسلمين عن دينهم في عقر دار الإسلام!!

فيا لها من غربة لا يخفف وطأتها إلا نسمات الفجر الصادق التي بدأت تهب في كل مكان، حاملة البشائر بمستقبل زاهر يعز الله فيه أولياءه ويذل أعداءه، ويعلي كلمة التوحيد والسنة ويقمع رؤوس الشرك والبدعة وما ذلك عليه بعزيز.

وبعد الاكتفاء بهاتين الوقفتين مع أحداث غزوة تبوك نكتفي أيضاً بما سبق عرضه من المعالم الكبرى في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، التي كانت تطبيقاً وتحقيقاً للدين كما يريده الله تعالى، وبياناً واقعياً لطبيعة سيره وحكمة إنزاله، وسنة الله في تزكية الناس به ومجاهدتهم عليه.

وإننا في كل غزوة وسرية من غزوات النبي صلى الله عليه وسلم وسراياه التي بلغت مائة غزوة وسرية، وفي كل موقف من مواقفه في الدعوة والجهاد، وفي كل مقام من مقامات عبوديته وتبتله إلى ربه، لنجد برهاناً ساطعاً ومعلماً شاخصاً على حقيقة دين الله تعالى، وحقيقة الدعوة إليه، وحقيقة النفس التي يجب أن تؤمن به وتستقيم عليه، مع إيضاح لحقيقة الجاهلية التي يجب أن تُحارب وتُدحر لكيلا تقف في طريقه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015