ومن ترك العمل الظاهر فقد ترك ركن الإيمان ومن زعم أن الإيمان يتحقق لأحد بدون العمل الظاهر، وأنه ينجو بمجرد ما يسمونه التصديق القلبى، فضلاله بين.

وعلى هذا نص علماء الإسلام وشراح السنة لاسيما فى شرحهم لحديث جبريل، والذى سنورد طرفا من كلامهم فيه ودلاله ذلك على التركيب.

" قال إسماعيل بن سعيد: وسألت أحمد عمن - فى الذى قال جبريل للنبى محمد صلى الله عليه وسلم إذ سأله عن الإسلام: فإذا فعلت ذلك فأنا مسلم؟ فقال: نعم - فقال قائل: وإن لم يفعل الذي قال جبريل للنبى صلى الله عليه وسلم، فهو مسلم أيضا؟ فقال أي الإمام -: هذا معاند للحديث " (?)

والإمام أحمد هو - فى أكثر الروايات عنه (?) وأوفقها لأصوله - ممن يرى أن تارك أحد الأركان الأربعة عدا الشهادتين متعمدا كافر.

فتكفيره لمن يأت بشيء من العمل الظاهر متيقن، وكذا تارك الأربعة جميعا ووجه استدلاله بهذه الرواية، أن حديث جبريل اشتمل على أركان العمل الظاهر " الإسلام " وأركان الاعتقاد الباطن " الإيمان "، وهو لتأخره قاض على كل ما سبق من أحاديث فيها إطلاق دخول الجنة بمجرد الشهادة، أو نقص فى عدد الأركان ونحو ذلك.

وقد صرح فيه بأنه إذا فعل الأركان الظاهرة فهو مسلم، وإذا فعل الأركان الباطنة فهو مؤمن، ومن هذين يتركب الدين وتتكون حقيقته.

ومعلوم أنه لو ترك أركان الإيمان كان كافرا اتفاقا، فكذا إذا ترك أركان الإسلام لا يكون مسلما، فمن قال: إنه مسلم مع ترك الأركان الأربعة، التي هى رأس العمل الظاهر، فقد عاند الحديث فى قوله: "فإن فعلت هذا فأنا مسلم؟ قال: نعم".

وهذه الأعمال الظاهرة التي سماها إسلاما في حديث جبريل، سماها إيمانا في حديث الشعب، وحديث وفد عبد القيس، فدل هذا على ما هو معلوم بالضرورة، من أن ذكره فى حديث جبريل من الأعمال الظاهرة، ليس المقصود به عمله بلا إيمان باطن، وإلا فهذا حال المنافق، وكذا ما ذكره من الأعمال الباطنة، التي سماها إيمانا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015