وقد تبين أن الدين لابد فيه من قول وعمل، وأنه يمتنع أن يكون الرجل مؤمنا بالله ورسوله بقلبه ولسانه ولم يؤدي واجبا ظاهرا، ولا صلاة ولا زكاة ولا صياماً، ولا غير ذلك من الواجبات. . . " (?) .

كما فصل القول فى أن عمل القلب هو إرادة جازمة، والإرادة الجازمة يستحيل تخلف الفعل عنها (?) .

فثابت أن تارك عمل القلب بالنسبة للأركان الأربعة أو أحدها، هو تارك الالتزام بها والعقد الجازم على فعلها كافر على الحقيقة؛ لأنه إما أنه ليس لديه عمل القلب (الذي هو الإرادة الجازمة المستلزمة للفعل) ، ولا قوله (الذي هو الإقرار بالوجوب) ، فهذا لا شك في كفره.

وإما أن يكون لديه قول القلب، ولكنه إذ لم يستلزم فعل القلب لا يكفي في ثبوت الإيمان، فهو معرفة مجردة أو علم مجرد - كما تقدم إيضاحه، وهو من جنس إقرار أهل الكتاب بأن محمد صلى الله عليه وسلم رسول واجب الاتباع ولكن لم يتبعوه، بل إقرار إبليس بأن الله أمره بالسجود ولكن لم يطعه.

وهكذا فإطلاق القول بتكفير تارك الصلاة أو الزكاة أو الصوم أو الحج صحيح موافق لقاعدة أهل السنة في الإيمان كل الموافقة، وهو ليس من جنس تسمية بعض العصاة كفاراً وتسمية بعض المعاصي كفراً والقول بأن المسألة خلافية هكذا بإطلاق غير صحيح، إلا أن يراد عموم الأمة لا خصوص السلف ومن أتبعهم، وسيأتي في شرح حديث جبريل عليه السلام وشرح حديث وفد عبد القيس - ما يزيد ذلك إيضاحا.

ثالثا: ما ورد من الآيات في حكم التولى عن الطاعة:

ولا شك أن تارك جنس العمل متول عن الطاعة معرض عن الأمتثال؛فالآيات الدالة على أن تارك الركن تارك للإيمان هي دليل على تركب حقيقة الإيمان من هذين الركنين معاً، ومنها:

1- قوله تعالى: «قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ» (آل عمران: 32)

2- قوله تعالى: «وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ» (النور: 47) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015