قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (فإن الصديق إنما قاتلهم على طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لا على طاعته، فإن الزكاة فرض عليهم، فقاتلهم على الإقرار بها وعلى أدائها (?) ، بخلاف من قاتل ليطاع هو، ولهذا قال: الإمام أحمد وأبو حنيفة وغيرهما: من قال: أنا أؤدي الزكاة ولا أعطيها للإمام، لم يكن للإمام أن يقاتله، وهذا فيه نزاع بين الفقهاء؛ فمن يجوز القتال على ترك طاعة ولي الأمر جوز قتال هؤلاء، وهو قول طائفة من الفقهاء ويحكى هذا عن الشافعي رحمه الله، ومن لم يجوز القتال إلا على ترك طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، لا على ترك طاعة شخص معين؛ لم يجوز قتال هؤلاء.
وفي الجملة، فالذين قاتلهم الصديق رضى الله عنه كانوا ممتنعين عن طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم والإقرار بما جاء به، فلهذا كانوا مرتدين، بخلاف من أقر بذلك ولكن امتنع عن طاعة شخص معين (?) .
أقول: فإذا انعقد الإجماع على عدم التفريق بين الصلاة والزكاة، وهما عملان ظاهران يمكن إنفكاك أحدهما عن الأخر من وجوه عدة، وقال الصديق:
" والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة " وأقره عليه الصحابة كلهم قولا وعملا - فما بالك بمن يفرق بين ركني الإيمان الظاهر والباطن، وجزئي الحقيقة الواحدة المركبة؛ فيفرق بين الإيمان القلبى والعمل الظاهر؟!
وسيأتي في شرح حديث جبريل عليه السلام ما يتعلق ببقية الأركان، ويزيد الأمر وضوحا.