وقد جاء في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة ... " الحديث.

وقال أبو إسحاق: عن أبي عبيدة، عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال: أمرتم بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، ومن لم يزك فلا صلاة له.

وقال عبد الرحمن بن يزيد بن أسلم: أبى الله أن يقبل الصلاة إلا بالزكاة، وقال: يرحم الله أبا بكر ما كان أفقهه " (?)

إلى آخر ما ذكر رحمه الله من أحاديث وآثار؛ هي مستند الإجماع الذي انعقد بين الصحابة بعد المناظرة الوجيزة بين الفاروق والصديق، ثم ظل من أعظم آحاد الإجماع ثبوتاً، حتى لقد قال الصحابة: " لو أطاعنا أبو بكر كفرنا "، بعد أن تبين لهم الأمر وزالت الشبهة.

لقد كان الصحابة رضى الله عنهم أجل وأفقه من أن يقولوا: نسألهم، فإن كانوا مقرين بوجوبها مع الامتناع عن أدائها بالكلية فهم مسلمون، وإن كانوا جاحدين لوجوبها فهم مرتدون، ولكل حالة أحكامها!!

فقد انعقد إجماعهم على أن الامتناع عن أدائها بالكلية - وهو الواقع من المرتدين - وليس عن دفعها للإمام - هو ردة صريحة، تضمن إسقاط حق الله في المال، والتفريق بين الصلاة والزكاة - وهم لم يخالف أحد منهم قط في تكفير تارك الصلاة (?) -، ولذا ألزمهم الصديق رضى الله عنه وعنهم، حتى انعقد إجماعهم على هذه، كما انعقد على تلك، وبناء على ذلك سموا الممتنعين عن أداء الزكاة مرتدين في كل النصوص الواردة عنهم، وقاتلوهم قتال سائر المرتدين - أى كمن أدعى نبوة مسيلمة وسجاح والأسود، دون تفريق بينهم في شيء من أحكام القتال، وشهد لهذا فقهاء السلف، كمال قال الحافظ أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015