وإن في أقسام الناس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ما قررناه بجلاء؛ وذلك أنهم لم يكونوا سوى ثلاثة أقسام:
1- عامل بجوارحه مؤمن بقلبه وهم المؤمنون.
2- عامل بجوارحه كافر بقلبه وهم المنافقون
3- كافر بجوارحه وبقلبه وهم الكافرون.
روى الإمام أبو بكر بن أبي شيبة في كتاب الإيمان بسند صحيح إلى أبي قلابة التابعي أنه قال: حدثني الرسول الذي سأل عبد الله بن مسعود (?) ، فقال: " أنشدك بالله أتعلم أن الناس كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثلاثة أصناف:
مؤمن السريرة مؤمن العلانية.
وكافر السريرة كافر العلانية.
ومؤمن العلانية كافر السريرة.
فقال عبد الله: اللهم نعم " (?) .
فلم يكن في واقع الجيل الأول ولا في تصوره وجود لمؤمن السريرة كافر العلانية، أي التارك للإيمان بجوارحه المؤمن بقلبه، كما تزعم المرجئة (?) .
وانطلاقا من هذا يقول الخطابي:
" قد يكون المرء مستسلما في الظاهر غير منقاد في الباطن، ولا يكون صادق الباطن غير منقاد الظاهر " (?) .
ولهذا ينقد شيخ الإسلام ابن تيمية بقوة العبارة التي يستخدمها بعض الفقهاء في حق من صدرت منهم أعمال كفرية صريحة، وهي قولهم: " كافر ظاهرا مؤمنا باطنا "، مبينا أنها لوثة من لوثات الإرجاء (?) .