وروى الإمام مسلم من حديث أبى هريرة رضى الله عنه - في قصة تبوك - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " أشهد أن لا إله إلا الله، لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة " وفى رواية " فيحجب عن الجنة " (?)
وعنه في حديث أخر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: " اذهب بنعلي هاتين فمن لقيت وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه فبشره بالجنة " (?) .
وهذا اليقين - بهذا المعنى - هو حقيقة العلم بأن لا إله إلا الله وأن محمدا
رسول الله - ومن ثم ذكر بعض العلماء (العلم) شرطا مستقلا من شروط الشهادتين، مستدلين بقوله تعالى:
«فأعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك» (محمد: 19)
وقول النبي صلى الله عليه وسلم " من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة " (?)
وعقد الإمام البخاري باباً بعنوان:" باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا أعلمكم بالله" وأن المعرفة فعل القلب، لقوله تعالى (ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم) ثم روى حديثا آخره: " إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا " (?) .
لكن لم أر أن أفراده هنا - أى العلم - لأن الحديث عن اليقين يشمله ويتضمنه، ولأن الحديث عن ضده، وهو الجهل بالتوحيد - كليا أو جزئيا - يحتاج لتطويل يخرج عن دائرة موضوعنا هنا.
وأما اليقين بالمعنى الأخر - أى اليقين الدرجة - فهو لب الإيمان وخلاصته وزبدته، كما قال عبد الله بن مسعود رضى الله عنه " اليقين الإيمان كله " (?) ، وفى المسند " أفضل الأعمال عند الله إيمان لا شك فيه، وغزو لا غلول فيه، وحج مبرور" (?) وهو يقابل الإيمان الكامل المفصل كما أن ذاك يقابل الإيمان المجمل، ولهذا جاء في القرآن