وهذه النية هي بمعنى الإرادة والغاية، وهي التي لا تخلو من إن تكون حبا أو كرها، أما النية الخاصة التي يذكرها الفقهاء في الأحكام فشيء آخر (?) .

وقد اخبر الله سبحانه وتعالى عن اختلاف حالي المؤمن والمنافق وعاقبتيهما بحسب اختلاف نية كل منهما - مع اتفاق عملهما في الصورة والمظهر، كالإنفاق مثلا، فقال تعالى: (وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (*) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (*) وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (*) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (*) وَلَسَوْفَ يَرْضَى) " الليل " 17 - 21 ".

وقال: (وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ) " التوبة: 54 ".

فالمؤمن يعمل الطاعة محبا لها راضيا بها - فكان جزاؤه القبول والرضا، والمنافق يعملها كارها كسلان - فكان جزاؤه الرد والإحباط.

والمؤمنون أنفسهم تتفاوت درجات إيمانهم بحسب المحبة والرضا، فكم بين إسلام أبى ذر الذي تحمل المشاق حتى بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما اسلم أعلن إسلامه بين ظهراني الكفار مستعذبا ضربهم وأذاهم يوما بعد يوم (?) ، وبين إسلام الأعرابي الذي جاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال له " اسلم "، فقال: أجدني كارها، فقال: " اسلم وان كنت كارها" (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015