وأبو حنيفة رحمه الله تضاربت الأقوال في حقيقة مذهبه (?) - وموقفه من أعمال القلوب خاصة - أهي داخلة في الإيمان أم لا؟
ولم يثبت لدي فيما بحثت أي نص من كلام الإمام نفسه، إلا أنني لا أستبعد أنه رحمه الله رجع عن قوله ووافق السلف في أن الأعمال من الإيمان، وهذا هو المظنون به (?) . أما المشهور المتداول عنه فهو مذهب المرجئة الفقهاء، أي إن الإيمان يشمل ركنين: تصديق القلب وإقرار اللسان، وأنه لا يزيد ولا ينقص ولا يستثنى فيه، وأن الفاسق يسمى مؤمناً، إذ الإيمان شىء واحد ينتفي كله أو يبقى كله حسب الأصل المذكور سابقاً.
وأشهر من يمثل هذا المذهب هم فقهاء الحنفية المتمسكون بعقيدة السلف وعلى رأسهم الإمام أبو جعفر الطحاوي صاحب العقيدة المشهورة، والإمام القاضي ابن أبي العز شارحها، وقليل من المتأخرين.
وحقيقة الأمر أن مذهب هؤلاء مضطرب متردد، ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " إنهم إذا لم يدخلوا أعمال القلوب في الإيمان لزمهم قول جهم، وإن أدخلوها في الإيمان لزمهم دخول أعمال الجوارح أيضاً، فإنها لازمة لها " (?) .
... وعبارة الطحاوي رحمه الله تدل على هذا فإنه قال: " والإيمان هو الإقرار باللسان والتصديق بالجنان، وجميع ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشرع والبيان كله حق، والإيمان