وبهذا يتضح أن من قال من السلف: إن الإيمان "تصديق وعمل" فإنه يقصد التصديق الخبري المستلزم للإذعان والانقياد، فهي كعبارة: "قول وعمل" سواء.

ومثل ذلك قول من قال: "إقرار وعمل".

ومن قال منهم: الإيمان هو التصديق، فمراده التصديق العملي المتضمن للتصديق الخبري العلمي، وهو احتراز ممن يكذب بعمله ما يدعيه بلسانه. (?)

فمن الخطأ أن يظن ظان أن مرادهم هو مجرد نسبة الصدق إلى المخبر أو ما أشبهه كالمعرفة المجردة أو العلم المجرد.

وأما الإقرار فكذلك، حيث ورد في القرآن الكريم في قوله تعالى:

«وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمةٍ ثم جاءكم رسولٌ مصدقٌ لما معكم لتؤمننّ به ولتنصرنّه قال ءأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين» [آل عمران: 81]

وقد سبق القول بأن من أسباب ضلال المرجئة - وسائر الفرق - أنهم يرجعون في تفسير الحقائق الشرعية إلى كلام الناس - المحتج بهم وغيرهم - كاستدلالهم على أن الإيمان هو التصديق بأن الناس يقولون: "فلان مؤمن بالبعث أي يصدق" (?) .

وكذلك قولهم في الإقرار - حيث حسبوا أن المراد به في كلام المتقدمين - هو المعروف في كتب الفقه في أبواب "الإقرار والخصومات"، والذي يعني الاعتراف أو تصديق دعوى الخصم.

ولو أنهم رجعوا إلى الكتاب والسنة لوجدوا الأمر بخلاف ذلك، فإن لفظ الإقرار في هذه الآية يعني إنشاء الالتزام والإذعان، ولهذا ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية إن الإقرار على وجهين:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015