طوق النجاه (صفحة 44)

بخطى ثابتة متأنية وأن يتبين موضع قدمه قبل أن يخطو كل خطوة .. عليه أن لا يستعجل الزهرة قبل أوانها أو الثمرة قبل نضجها، بل عليه هو ومن معه أن يعلموا أن الطريق طويل والمفاوز شاقة. فيلتزموا بسياسة النفس الطويل والصبر الجميل، فإن الزمن جزء من العلاج، والعمل لله عز وجل ليس تجارة قصيرة الأجل، إما أن تربح ربحاً سريعاً أو يتركها أصحابها إلى تجارة أكثر رواجاً وأسرع ربحاً.

علينا أن نتعسّف الطريق، فرؤية نصر الله وتمكنه لدينه في الأرض وإن كانت اعز أمنية لنا إلا أن ذلك لا ينبغي أن يجزنا إلى التسرع الذي إن لم يُعدْ بالركب القهقهري فإنه قد يوقفه سنوات أو يبطئ من سيره ..

حسبنا أن نكون جسراً يعبر عليه من بعدنا، وحسبنا كذلك أننا نكون قد فزنا بموعود الله عز وجل بمشيئته وفضله وإن تأخرت الأخرى .. تأمل معي قول الله عز وجل وهو يصف التجارة الرابحة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [الصف: 10 - 12] نعم .. هذا هو الربح وتلكم هي الغاية، ثم تأمل وتدبر وصف الله للنصر الذي نحبه .. {وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ} (?) إلا أنه بشرى الله ووعده الذي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015