فهناك الابتلاء بالمنصب والجاه، وهناك الابتلاء بالمال، وهناك الابتلاء بالزوجة والأولاد، وهناك الابتلاء بالفقر وضيق الرزق، وهناك الابتلاء بالأهل والأقارب .. وهناك .. وهناك .. وهناك. كل ذلك يحاول أن يثبّط همتك، ويحذرك من هذا الطريق .. ولا يثبت أمام هذه الابتلاءات إلا من أيده الله بالثبات .. فكم من أناس صبروا على التعذيب وقهرتهم شهوة المال والمنصب .. وكل هذه العقبات التي توضع أمام السائر في طريق الجنة قد وضحها الرسول -صلى الله عليه وسلم- .. فعن سَبْرة بن الفاكه رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إِن الشَّيْطَان قعد لِابْنِ آدم بطرِيق الْإِسْلَام فَقَالَ: تُسلم وَتَذَر دِينَكَ وَدِينِ آبَائِك؟ فَعَصَاهُ فَأَسْلَمَ فَغَفَرَ لَهُ .. فَقَعَدَ لَهُ بطرِيق الْهِجْرَة فَقَالَ لَهُ: تُهَاجِرُ وَتَذَر دَارَك وَأَرْضك وَسمَاءَكَ؟ فَعَصَاهُ فَهَاجَرَ .. فَقَعَدَ لَهُ بطرِيق الْجِهَاد فَقَالَ: تُجَاهِدُ وَهُوَ جُهْدُ النَّفسِ وَالْمَال فَتُقَاتِلُ فَتقْتلُ فَتنْكِحُ الْمَرْأَة وَيقسّم المَالُ؟ فَعَصَاهُ فَجَاهد. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَمَنْ فَعَلَ ذَلِك كَانَ حَقًا عَلَى اللهِ أَنْ يُدْخِلهَُ الْجَنَّةَ. وَإِنْ غَرقَ كَانَ حَقًا عَلَى الله أنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّة وَإِنْ وقصته دَابَّته كَانَ حَقًا عَلَى الله أَن يدْخلهُ الْجنَّة» (?).
وأحذر نفسي وإياك من ترك السير في طريق الدعوة بدعوى أننا ضعفاء ولا نستطيع أن نتحمل الابتلاء .. فهذا من تلبيسات إبليس ليقعدنا عن الجهاد كما أخبر الرسول --صلى الله عليه وسلم-- في الحديث السابق .. فالله سبحانه وتعالى يعلم ضعفنا وقلة حيلتنا، ومع ذلك طالبنا