روى أحمد في "الزاهد" عن يزيد بن ميسرة أن المسيح-عليه السلام-كان يقول لأصحابه: "إن استطعتم أن تكونوا بلهاء في مثل الحمام فافعلوا". قال: وكان يقال: ليس شيء أبله من الحمام. . إنك تأخذ فرخيه من تحته فتذبحهما، ثم يعود إلى مكانه ذلك، فيفرخ فيه!! وأخرج ابن عدي، وابن عساكر: من طريق محمد بن إسحاق العكاشي، عن الأوازعي، عن مكحول والقاسم- أنهما سمعا أبا أمامة يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أخي عيسى ابن مريم قال الحواريين يوما: يا معشر الحواريين، كونوا في الشر بلهاء كالحمام. وكونوا في الاجتهاد والحذر كالوحش إذا طلبها القناص".
قرأت في الإنجيل: أن المسيح قال للحواريين: "كونوا حكماء كالحيات، وبلهاء كالحمام". وأخرج ابن المنذر, وابن أبي حاتم: عن ابن عباس قال: استقرت السفينة على الجودي فبعث نوح الغراب ليأتيه بالخبر, فذهب, فوقع على الجيف فأبطأ عليه. فبعث الحمامة فأتته بورق الزيتون, ولطخت رجليها بالطين؛ فعرف نوح أن الماء نضب.
فأرسلت الحمامة بعد سبع ... تزل على المهالك لا تهاب
تلمس هل ترى في الأرض عيناً ... وعاينه من الماء العباب
فجاءت بعدما ركضت بقطف ... عليه الشطء والطين الكباب
فلما فرسوا الآيات صاغوا ... لها طوقا كما عقد السحاب
إذا ماتت تورثه بنيها ... وإن تقتل فليس لها استلاب
وروى أبو داود, والنسائي عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يكون في آخر الزمان قوم يخضبون بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة ".
وروى ابن عدي عن جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "شكت الكعبة إلى الله قلة الزوار لها ,فأوحى الله إليها: لأبعثن أقواماً يحنون إليك كما تحن الحمامة إلى فرخها".
في طبع الحمام أنه يطلب وكره, ولو أرسل من ألف فرسخ.
ويحمل الأخبار ويأتي بها من المسافات البعيدة في المدة القريبة. وفيه ما يقطع ثلاثة آلاف فرسخ في يوم واحد.
وربما اصطبر وغاب عن وطنه عشر حجج, وهو على ثبات عقله, وقوة حفظه, ونزوعه إلى وطنه, حتى يجد فرصة فيصير إليه.
وسباع الطير تطلبه أشد الطلب, وخوفه من الشاهين أشد من خوفه من غيره, وهو أطير منه ومن سائر الطير كله, لكنه يذعر منه, ويعتريه ما يعتري الحمار إذا رأى الهر.
وفي "عيون الأخبار" لابن قتيبة: عن المثنى بن زهير قال: لم أرى شيئاً من رجل وإمرة إلا وقد رأيته في الحمام: رأيت حمامة لا تريد إلا ذكرها, وذكراً لا يريد إلا أنثاه, إلى أن يهلك أحدهما ويفقدها! ورأيت حمامة: تتزين للذكر ساعة يريدها! ورأيت حمامة: لها زوج وهي بمسكن آخر ما تعدوه! ورأيت حمامة: تقمط حمامة, ويقال: إنها تبيض عن ذلك.
ولكن لا يكون لذلك البيض فراخ.
ورأيت ذكرا: يقمط ذكراً! ورأيت ذكراً يقمط كل من لقي ولا يزاوج! ورأيت أنثى: يقمطها كل من يراها من الذكور, ولا تتزاوج.
وليس من الحيوان من يستعمل التقبيل عند السفاد سواه! وهو عفيف في السفاد يجر ذنبه على أثره؛ ليعفوا أثر الأنثى كأنه قد علم ما فعلت, ويجهد في إخفائه! وهو يسفد لتمام ستة أشهر.
والأنثى تحمل أربعة عشر يوماً, وتبيض بيضتين: يخرج من الأولى ذكر, والثانية أنثى! وبين الأولى والثانية يوم وليلة.
والذكر يجلس على البيض ويسخنه جزعاً من النهار, والأنثى بقية النهار, وكذلك في الليل.
وإذا باضت الأنثى, وأبت الدخول على بيضها لأمر ما ضربها الذكر, واضطرها للدخول.
وإذا أراد الذكر أن يسفد الأنثى أخرج فراخه من الوكر, وإذا خرج الفرخ من البيض مضغ أبوه تراباً مالحاً وأطعمه إياه؛ ليسهل به سبيل الطعم.
وزعم أرسطو: أن الحمام يعيش ثمان سنين.
ومن الحمام: "الراعبية "منسوبة إلى أرض يقال لها: راعب.
ومن الحمام: "الوزي "وهو ضرب من الحمام يضرب إلى حمرة وصفرة. وفي "الزنبيل"؛لابن خالويه: كنيه الحمام: "أبو مهنى".
والمعرقل: الذكر من الحمام.