يحب، بعد أن يكون المحبوب ذا عقل، وله حظ من تمييز، ثم يدعه والمطاولة.
فإذا تكذب عنده نقل الواشي مع ما اظهر من التحفظ والجفاء، ولم يسمع لسره إذاعة علم أنه إنما زور له الباطل، واضمحل ما قام في نفسه.
ولقد شاهدت هذا بعينه لبعض المحبين مع بعض من كان يحب، وكان المحبوب شديد المراقبة عظيم الكتمان، وكثر الوشاة بينهما وحدث في حب لم يكن، حتى ظهرت اعلام ذلك في وجهه، وركبته وجمة، وأظلته فكرة، ودهمته حيرة، إلى أن ضاق صدره وباح بما نقل إليه؛ فلو شاهدت مقام المحب في اعتذاره لعلمت أن الهوى سلطان مطاع، ناء مشدود الأواخي، وسنان نافذ، وكان اعتذاره بين الاستسلام والاعتراف والإنكار والتوبة والرمي بالمقاليد، فبعد لأي ما صلح الأمر بينهما.
وربما ذكر الواشي أن ما يظهر المحب من المحبة ليس بصحيح، وان مذهبه في ذلك شفاء نفسه وبلوغ وطره؛ وهذا فصل من النقل وإن كان شديداً فهو أيسر معاناة مما قبله.
فحالة المحب غير حالة المتلذذ.
وشواهد الوجد متفاوتة بينهما.
وقد وقع من هذا نبذ كافية في باب الطاعة.
وربما نقل الواشي أن هوى العاشق مشترك، وهذه النار المحرقة والوجع الفاشي في الأعضاء.
وإذا وافق الناقل لهذه المقالة ان يكون المحب فتى حسن الوجه حلو الحركات، مرغوباً فيه مائلاً إلى اللذات، دنياوي الطبع، والمحبوب امرأة جليلة القدر سرية المنصب، فأقرب الأشياء سعيها في إهلاكه وتصديها لحتفه، وهذه كانت ميتة مروان بن أحمد بن حدير، والد أحمد المتنسك، وموسى وعبد