وإن يتضرم لفحه ولهيبه ... فنفحك يذكيه وتبدو مدوده خبر: وإني لأعرف من أهل قرطبة من أبناء الكتاب وجلة الخدمة من اسمه أحمد بن فتح، كنت أعهده كثير التصاون، من بغاة العلم وطلاب الأدب، يبذ أصحابه في الانقباض، ويفوقهم في الرعة، لا ينظر إلا في حلقة فضل، ولا يرى إلا في محفل مرضي، محمود المذاهب، جميل الطريقة، بائناً بنفسه، ذاهباً بها، ثم أبعدت الأقدار داري من داره، فأول خبر طرأ علي بعد نزولي شاطبة أنه خلع عذاره في حب فتى من أبناء الفتانين يسمى إبراهيم بن أحمد، اعرفه، لا تستأهل صفاته محبة من بيته خير وخدم وأموال عريضة ووفر تالد.
وصح عندي أنه كسف رأسه وأبدى وجهه ورمى رسنه وحسر محياه وشمر عن ذراعيه وصمد الشهوة.
فصار حديثاً للسمار، متراجعاً بين نقلة الأخبار، وتهودي ذكره في الأقطار، وجرت نقلته في الأرض راحلة بالتعجب، ولم يحصل من ذلك إلا على كشف الغطاء، وإذاعة السر، وشنعة الحديث، وقبح الأحدوثة، وشرود محبوبه عنه جملة، والتحظير عليه من رؤيته البتة، وكان غنياً عن ذلك وبمندوحة واسعة ومعزل رحب عنه، ولو طوى مكنون سره، وأخفى بنيات