والقسم الثاني مخالف للباب الذي بعد هذا الباب إن شاء الله، وهو أن يعلق المرء من نظرة واحدة جارية معروفة الاسم والمكان والمنشأ، ولكن التفاضل يقع في هذا في سرعة الفناء وإبطائه، فمن أحب من نظرة واحدة وأسرع العلاقة من لمحة خاطرة فهو دليل على قلة الصبر، ومخبر بسرعة السلو، وشاهد الطرافة والملل.
وهكذا في جميع الأشياء: أسرعها نمواً أسرعها فناء، وأبطؤها حدوثاً أبطؤها نفاداً.
خبر: إني لأعلم فتى من أبناء الكتاب ورأته امرأة سرية النشأة، عالية المنصف، غليظة الحجاب، وهو مجتاز، ورأته في موضع تطلع منه كان في منزلها، فعلقته وعلقها، وتهاديا المراسلة زماناً على أدق من حد السيف، ولولا أني لم أقصد في رسالتي هذه كشف الحيل وذكر المكايد لأوردت مما صح عندي أشياء تحير اللبيب وتدهش العاقل، أسبل الله علينا ستره وعلى جميع المسلمين بمنه، وكفانا.