عليه واستدمته لك، واستزدته فيك؛ ثم لم ألبث أن اطلع علي شخصك وقصدتني بنفسك، على بعد الشقة وتنائي الديار وشحط المزار وطول المسافة وغول الطريق؛ وفي دون هذا ما سلى المشتاق، ونسى الذاكر، إلا من تمسك بحبل الوفاء مثلك، ورعى سالف الأذمة ووكيد المودات وحق النشأة ومحبة الصبا، وكانت مودته الله تعالى.
ولقد أثبت بيننا من ذلك ما نحن عليه حامدون وشاكرون.
وكانت معانيك في كتابك زائدة على ما عهدته من سائر كتبك، ثم كشفت إلي بإقبالك غرضك، وأطلعتني على مذهبك، سجية لم تزل عليها من مشاركتك لي في حلوك ومرك، وسرك وجهرك، يحدوك الود الصحيح الذي أنا لك على أضعافه، لا أبتغي جزاء غير مقابلته بمثله؛ وفي ذلك أقول مخاطباً لعبيد الله بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أمير المؤمنين الناصر رحمه الله في كلمة لي طويلة وكان لي صديقاً: [من الطويل] أودك وداً ليس فيه غضاضة ... وبعض مودات الرجال سراب وأمحضك النصح الصريح وفي الحشا ... لودك نقش ظاهر وكتاب فلو كان في روحي سواك اقتلعته ... ومزق بالكفين عنه إهاب وما لي غير الود منك إرادة ... ولا في سواه لي إليك خطاب