في يوم ولا يومين، ولو طال على هؤلاء الممتحنين ما امتحنوا به لحلت طباعهم وأجابوا هاتف الفتنة، لكن الله عصمهم بانقطاع السبب المحرك نظراً لهم وعلماً بما في ضمائرهم من الاستعاذة به من القبائح، واستدعاء الرشد، لا إله إلا هو؛ وإما بصيرة حضرت في ذلك الوقت، وخاطر تجرد انقمعت به طوالع الشهوة في ذلك الحين، لخير أراد الله عز وجل لصاحبه، جعلنا الله ممن يخافه ويرجوه، آمين.

وحدثني أبو عبد الله محمد بن عمر بن مضا عن رجال من بني مروان ثقات يسندون الحديث إلى أبي العباس الوليد بن غانم أنه ذكر أن الإمام عبد الرحمن بن الحكم غاب في بعض غزواته شهوراً وثقف القصر بابنه محمد الذي ولي الخلافة بعده ورتبه في السطح، وجعل مبيته ليلاً وقعوده نهاراً فيه، ولم يأذن له في الخروج البتة، ورتب معه في كل ليلة وزيراً وفتى من أكابر الفتيان يبيتان معه في السطح؛ قال أبو العباس: فأقام على ذلك مدة طويلة وبعد عهده بأهله، وهو في سن العشرين أو نحوها إلى أن وافق مبيتي في ليلتي نوبة فتى من أكابر الفتيان، وكان صغيراً في سنه وغاية في حسن وجهه.

قال أبو العباس: فقلت في نفسي: إني أخشى الليلة على محمد بن عبد الرحمن الهلاك بمواقعة المعصية وتزيين إبليس وأتباعه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015