وتوقدت، وانبعث في خديها أزاهير الجمال فتمت واعتمت، فأتت كما أقول: [من البسيط] خريدة صاغها الرحمن من نور ... جلت ملاحتها عن كل تقدير لو جاءني عملي في حسن صورتها ... يوم الحساب ويوم النفخ في الصور لكنت أحظى عباد الله كلهم ... بالجنتين وقرب الخرد الحور وكانت من أهل بيت صباحة، وقد ظهرت منها صورة تعجز الوصاف، وقد طبق وصف شبابها قرطبة، فبت عندها ثلاث ليال متوالية، ولم تحجب عني على جاري العادة في التربية؛ فلعمري لقد كاد قلبي أن يصبو ويثوب إليه مرفوض الهوى، ويعاوده منسي الغزل.
ولقد امتنعت بعد ذلك من دخول تلك الدار خوفاً على لبي أن يزدهيه الاستحسان؛ ولقد كانت هي وجميع أهلها ممن لا تتعدى الأطماع إليهن، ولكن الشيطان غير مأمون الغوائل، وفي ذلك أقول: [من الكامل المجزوء] لا تتبع النفس الهوى ... ودع التعرض للمحن إبليس حي لم يمت ... والعين باب للفتن وأقول: [من المجتث] وقائل لي: هذا ... ظن يزيدك غيا فقلت: دع عنك لومي ... أليس إبليس حيا وما أورد الله تعالى علينا من قصة يوسف بن يعقوب وداود بن يشي رسل الله عليهم السلام إلا ليعلمنا نقصاننا وفاقتنا إلى