الحفيظة والسري السجايا، من الغدر، فما يصبر عليه إلا دنئ المروءة خسيس الهمة ساقط الأنفة، وفي ذلك أقول قطعة منها: [من الوافر] .
هواك فلست أقربه غرور ... وأنت لكل من يأتي سرير وما إن تصبرين على حبيب ... فحولك منهم عدد كثير فلو كنت الأمير لما تعاطى ... لقاءك خوف جمعهم الأمير رأيتك كالأماني ما على من ... يلم بها ولو كثروا غرور ولا عنها لمن يأتي دفاع ... ولو حشد الأنام لهم نفير 8 - ثم سبب ثامن: وهو لا من المحب ولا من المحبوب ولكنه من الله تعالى وهو اليأس، وفروعه ثلاثة، إما موت وإما بين لا يرجى معه أوبة، وإما عارض يدخل على المتحابين بعلة الحب التي من أجلها وثق المحبوب فيغيرها؛ وكل هذه الوجوه من أسباب السلو والتصبر.
وعلى المحب الناسي في هذا الوجه المنقسم إلى هذه الأقسام الثلاثة من الغضاضة والذم واستحقاق اسم اللوم والغدر غير قليل، وإن لليأس لعملاً في النفوس عجيباً، وثلجاً لحر الأكباد كبيراً؛ وكل هذه الوجوه المذكورة أولاً وآخراً فالتأني فيها واجب، والتربص على أهلها حسن، فيما يمكن فيه التأني ويصح لديه التربص، فإذا انقطعت الأطماع وانحسمت الآمال فحينئذ يقوم العذر.
وللشعراء فن من الشعر يذمون فيه الباكي على الدمن، ويثنون على المثابر على اللذات، وهذا يدخل في باب السلو؛ ولقد أكثر الحسن بن هانئ في هذا الباب وافتخر به، وهو كثيراً ما يصف نفسه بالغدر الصريح في أشعاره، تحكماً بلسانه واقتداراً على القول، وفي مثل هذا أقول شعراً منه: [من الخفيف]