وأحسب أنها السوداء فانظر ... لنفسك إنها عرض ثقيل فقلت له: كلامك ذا محال ... فما للدمع من عيني يسيل فأطرق باهتاً مما رآه ... ألا في مثل ذا بهت النبيل فقلت له: دوائي منه دائي ... ألا في مثل ذا ضلت عقول وشاهد ما أقول يرى عياناً ... فروع النبت إن عكست أصول وترياق الأفاعي ليس شيء ... سواه ببرء ما لدغت كفيل وحدثني أبو بكر محمد بن بقي الحجري، وكان حكيم الطبع عاقلاً فهيماً، عن رجل من شيوخنا لا يمكن ذكره، انه كان ببغداد في خان من خاناتها فرأى ابنة لوكيله الخان فأحبها وتزوجها، فلما خلا بها نظرت إليه وكانت بكراً، وهو قد تكشف لبعض حاجته، فراعها كبر إحليله، ففرت إلى أمها وتفادت منه، فرام بها كل من حواليها أن ترد إليه، فأبت وكادت ان تموت، ففارقها ثم ندم، ورام ان يراجعها فلم يمكنه، واستعان بالأبهري وغيره، فلم يقدر أحد منهم على حيلة في أمره، فاختلط عقله وأقام في المارستان يعاني مدة طويلة حتى نقة وسلا وما كاد، ولقد كان إذا ذكرها يتنفس الصعداء.

وقد تقدم في أشعاري المذكورة في هذه الرسالة: من صفة النحول مفرقاً ما استغنيت به عن أن أذكر هنا من سواها شيئاً خوف الإطالة، والله المعين والمستعان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015