ألزم، لان المحب هو البادي باللصوق والتعرض لعقد الأذمة، والقاصد لتأكيد المودة والمستدعي صحة العشرة، والأول في عداد طالبي الأصفياء، والسابق في ابتغاء اللذة باكتساب الخلة، والمقيد نفسه بزمام المحبة - قد عقلها بأوثق عقال وخطمها بأشد خطام، فمن قمبره على هذا كله إن لم يرد إتمامه ومن أجبره على استجلاب المقة إن لم ينو ختمها بالوفاء لمن أراده عليها والمحبوب إنما هو مجلوب إليه ومقصود نحوه ومخير في القبول أو الترك، فإن قبل فغاية الرجاء، وإن أبى فغير مستحق للذم.

وليس التعرض للوصل والإلحاح فيه والتأتي لكل ما يسجلب به من الموافقة وتصفية الحضرة والمغيب، من الوفاء في شيء، فحظ نفسه أراد الطالب، وفي سروره سعى وله احتطب، والحب يدعوه ويحدوه على ذلك شاء أو أبى، وإنما يحمد الوفاء ممن يقدر على تركه.

وللوفاء شروط على المحبين لازمة: فأولها أن يحفظ عهد محبوبه ويرعى غيبته، وتستوي علانيته وسريرته، ويطوي شره وينشر خيره، ويغطي على عيوبه ويحسن أفعاله، ويتغافل عما يقع منه على سبيل الهفوة ويرضى بما حمله ولا يكثر عليه بما ينفر منه، وألا يكون طلعة دبوباً ولا ملة طرفا.

وعلى المحبوب إن ساواه في المحبة مثل ذلك، وإن كان دونه فيها فليس للمحب أن يكلفه الصعود إلى مرتبته ولا له الاستشاطة عليه بان يسومه الاستواء معه في درجته.

وبحسبه منه حينئذ كتمان خبره وألا يقابله بما يكره ولا يخيفه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015