وأختلس العقول، مستحسن يعدل إشفاق محب على محبوب.
ولقد شاهدت من هذا المعنى كثيراً، وإنه لمن المناظر العجيبة الباعثة على الرقة الرائقة المعنى، لا سيما إن كان هوى يكتتم به.
فلو رأيت المحبوب حين يعرض بالسؤال عن سبب تغضب بمحبة، وخجلته في الخروج مما وقع فيه بالاعتذار، وتوجيهه إلى غير وجهه، وتحيله في استنباط معنى يقيمه عند جلسائه، لرأيت عجباً ولذة مخفية لا تقاومها لذة.
وما رأيت أجلب للقلوب ولا أغوص على حباتها ولا أنفذ للمقاتل من هذا الفعل.
وإن للمحبين في الوصل من الاعتذار ما اعجز أهل الأذهان الذكية والأفكار القية؛ ولقد رأيت في بعض المرات هذا فقلت: [من السريع] .
إذا مزجت الحق بالباطل ... جوزت ما شئت على الغافل وفيهما فرق صحيح له ... علامة تبدو إلى العقل كالتبر إن تمزح به فضة ... جازت على كل فتى جاهل وإن تصادف صائغاً ماهراً ... ميز بين المحض والخائل وإني لأعلم فتى وجارية: كان يكلف كل واحد منهما بصاحبه، فكانا يضطجعان إذا حضرهما أحد وبينهما المسند العظيم من المساند الموضوعة عند ظهور الرؤساء على الفرش، ويلتقي رأساهما وراء المسند ويقبل كل واحد منهما صاحبه ولا يريان، وكأنهما إنما يتمددان من الكلل؛ ولقد كانا بلغا من تكافيهما في المودة أمراً عظيماً، إلى أن كان الفتى المحب ربما استطال عليها؛ وفي ذلك أقول: [من السريع] .