والكتاب في جملته يعالج موضوعين:

1- الجواب عن بعض الآيات القرآنية التي اشتبه معناها على أهل البدع حيث فسروا بغير تفسيرها، فأجروها على ما يوافق أهواءهم، وبدعهم الفاسدة المخالفة لدلالة الكتاب والسنة.

وذلك مثل قوله -عز وجل: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} [النساء: 56] . قالت الزنادقة: فما بال جلودهم التي عصت قد احترقت وأبدلهم جلودًا غيرهم، فلا نرى إلا أن يعذب جلودًا لم تذنب.. قال الإمام أحمد: إن قول الله: {بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا} ، ليس يعني جلودًا غير جلودهم، وإنما يعني بدلناهم جلودًا غيرها تبديلها تجديدها؛ لأن جلودهم إذا نضجت جددها الله، وذلك؛ لأن القرآن فيه خاص وعام، ووجوه كثيرة وخواطر يعلمها العلماء.

ومثل قوله عز وجل: {هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ، وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} [المرسلات: 35-36] ، ثم قال في آية أخرى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} [الزمر: 31] فقالوا: كيف يكون هذا من الكلام المحكم؟!.. قال الإمام أحمد: {هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ} ، فهذا أول ما تبعث الخلائق على مقدار ستين سنة لا ينطقون ولا يؤذن لهم في الاعتذار فيعتذرون، ثم يؤذن لهم في الكلام، فيتكلمون فذلك قوله: {رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا} [السجدة: 12] ، فإذا أذن لهم في الكلام فتكلموا واختصموا فذلك قوله: {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} ، عند الحساب وإعطاء المظالم، ثم يقال لهم بعد ذلك: {لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ} أي عندي: {وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ} [ق: 28] 1.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015