رموهم بالزوكرة، والتلبيس والمحال.

وإذا رأوا معهم حقاً ألبسوه لباس الباطل، وأخرجوه لضعفاءِ العقول فى قالبة شنيع لينفروهم عنه، وإذا كان معهم باطل [ألبسوه] لباس الحق وأخرجوه فى قالبه ليقبل منهم.

وجملة أمرهم أنهم فى المسلمين كالزغل فى النقود، يروج على أكثر الناس لعدم بصيرتهم بالنقد، ويعرف حاله الناقد البصير من الناس، وقليل ما هم، وليس على الأديان أضرَّ من هذا الضرب من الناس، وإنما تفسد الأديان من قبلهم، ولهذا جلا الله أمرهم فى القرآن، وأوضح أوصافهم وبين أحوالهم وكرر ذكرهم، لشدة المؤنة على الأُمة بهم وعظم البلية عليهم بوجودهم بين أظهرهم وفرط حاجتهم إلى معرفتهم والتحرز من مشابهتهم والإصغاء إليهم، فكم قطعوا على السالكين إلى الله طرق الهدى وسلكوا بهم سبيل الردى: وعدوهم ومنوهم، ولكن وعدوهم الغرور ومنوهم الويل والثبور.

فكم من قتيل، ولكن فى سبيل الشيطان وسليب ولكن للباس التقوى والإيمان. وأسير لا يرجى له الخلاص وفارّ من الله لا إليه، وهيهات ولات حين مناص. صحبتهم توجب العار والشنار، ومودتهم تحل غضب الجبار وتوجب دخول النار من [علقت] به كلاليب كلبهم ومخاليب رأْيهم مزقت منه ثياب الدين والإيمان وقطعت له مقطعات من البلاءِ والخذلان، فهو يسحب من الحرمان والشقاوة أذيالاً، ويمشى على عقبيه القهقرى إدباراً منه وهو يحسب ذلك إقبالاً.

فهم والله قطاع الطريق، فيا أيها الركب المسافرون إلى منازل السعداء، حذار منهم حذار، هم الجزارون ألسنتهم شفار البلايا. ففراراً منهم أيها الغنم فراراً.

ومن البلية أنهم الأعداءُ حقاً وليس لنا بد من مصاحبتهم، وخلطتهم أعظم الداءِ وليس بد من مخالطتهم قد جعلوا على أبواب جهنم دعاة إليها فبعداً للمستجيبين، ونصبوا شباكهم حواليها على ما حفت به من الشهوات، فويل للمغترين. نصبوا الشباك ومدوا الأشراك وأذن مؤذنهم: يا شياه الأنعام حى على الهلاك، حى على التباب. فاستبقوا يهرعون إليهم، فأوردوهم حياض العذاب، لا الموارد العذاب.

وساموهم من الخسف والبلاءِ أعظم خطة، وقالوا: ادخلوا باب الهوان صاغرين ولا تقولوا حطة، فليس بيوم حطة. [فواعجباً] لمن نجا من شراكهم لا من علق، وأنى ينجو من غلبت عليه شقاوته ولها خلق،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015