أَجْرُهُ على الله} [النساء: 100] .

وقد حكى عن جماعة كثيرة ممن أدركه الأجل وهو حريص طالب للقرآن أَنه رؤى بعد موته وأخبره أنه فى تكميل مطلوبه وأنه يتعلم فى البرزخ، فإِن العبد يموت على ما عاش عليه. ومن الناس من يكون سيد عمله الذكر وقد جعله زاده لمعاده ورأْس ماله لمآله، فمتى فتر عنه أَو قصر رأَى أَنه قد غبن وخسر، ومن الناس من يكون سيد عمله وطريقه الصلاة، فمتى قصر فى ورده منها أَو مضى عليه وقت وهو غير مشغول بها أَو مستعد لها أَظلم عليه وقته وضاق صدره.

ومن الناس من يكون طريقه الإحسان والنفع المتعدى، كقضاءِ الحاجات وتفريج الكربات وإِغاثة اللهفات وأنواع الصدقات، قد فتح له فى هذا وسلك منه طريقاً إلى ربه. ومن الناس من يكون طريقه تلاوة القرآن وهى الغالب على أَوقاته وهى أعظم أورداه. ومن الناس من يكون طريقه الصوم، فهو متى أفطر تغير عليه قلبه وساءَت حاله.

ومنهم يكون طريقه الأَمر بالمعروف والنهى عن المنكر قد فتح الله له فيه ونفذ منه إلى ربه، ومنهم من يكون طريقه الذى نفذ فيه الحج والاعتمار. ومنهم من يكون طريقه قطع العلائق وتجريد الهمة ودوام المراقبة ومراعاة الخواطر وحفظ الأَوقات أن تذهب ضائعة.

ومنهم من جامع المنفذ السالك إلى الله فى كل واد الواصل إليه من كل طريق، فهو جعل وظائف عبوديته قبلة قلبه ونصب عينه يؤمها أَين كانت ويسير معها حيث سارت قد ضرب من كل فريق بسهم، فأَين كانت العبودية وجدته هناك: إِن كان علم وجدته مع أَهله، أَو جهاد وجدته فى صف المجاهدين، أَو صلاة وجدته فى القانتين، أَو ذكر وجدته فى الذاكرين، أَو إحسان ونفع وجدته فى زمرة المحسنين، أَو ومراقبة ومحبه وإنابة إلى الله وجدته فى زمرة المحبين المنيبين، يدين بدين العبودية أَنَّى استقلت ركائبها، ويتوجه إليها حيث استقرت مضاربها، لو قيل له: ما تريد من الأعمال؟ لقال: أريد أن أنفذ أوامر ربى حيث كانت وأين كانت جالبة ما جلبت مقتضية ما اقتضت جمعيتين أو فرقتين أو فرقتنى، ليس لى مراد إلا تنفيذها والقيام بأدائها مراقباً له فيها عاكفاً عليه بالروح والقلب والبدن والسر قد سلمت إليه المبيع منتظراً منه تسليم الثمن: {إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّة} [التوبة: 111] ، فهذا هو العبد السالك إلى ربه النافذ إليه حقيقة

ومعنى النفوذ إليه أن يتصل به قلبه ويعلق به تعلق المحب التام المحبه بمحبوبه فيسلو به عن جميع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015