واحد، فهذا ونحوه عندهم هو الظلم الذى تنزه عنه، وكذلك قوله: "يَا عِبَادِى، إِنِّى حَرَّمْتُ الْظُّلْمَ عَلَى نَفْسِى، وَجَعَلْتُهُ مُحَرَّماً بَيْنَكُمْ، فَلا تَظَالَمُوا"، فالذى حرمه على نفسه هو المستحيل الممتنع لذاته كالجمع بين النقيضين وليس هناك ممكن يكون ظلماً فى نفسه وقد حرمه على نفسه، ومعلوم أَنه لا يمدح الممدوح بترك ما لو أَراده لم يقدر عليه. وأَيضاً فإِنه قال: "وَجَعَلْتُهُ مُحُرَّماً بَيْنَكُمْ" فالذى حرمه على نفسه هو الذى جعله محرماً بين عباده وهو الظلم المقدور الذى يستحق تاركه الحمد والثناءَ. والذى أوجب لهم هذا مناقضة القدرية المجوسية ورد أُصولهم وهدم قواعدهم، ولكن ردوا باطلاً بباطل وقابلوا بدعة ببدعة وسلطوا عليهم خصومهم بما التزموه من الباطل فصارت الغلبة بينهم وبين خصومهم سجالاً مرة يغلبون ومرة يغلبون لم يستقر لهم نصرة، وإِنما النصرة الثابتة لأَهل السنة المحضة الذين لم يتحيزوا إِلى فئة غير رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يلتزموا غير ما جاءَ به، ولم يؤصلوا أَصلاً ببدعة يسلطون عليهم به خصومهم، بل أصلهم ما دل عليه كتاب الله وكلام رسوله وشهدت به الفطر والعقول.