وقوى، ومنه الأرض العزاز: الصلبة الشديدة، وعز يعز بكسر العين إذا امتنع ممن يرومه وعز يعز بضم العين إذا غلب وقهر، فأعطوا أقوى الحركات وهى الضمة- لأقوى المعانى وهو الغلبة والقهر للغير وأضعفها وهى الفتحة لأَضعف هذه المعانى وهو كون الشئ فى نفسه صلباً، ولا يلزم من ذلك أَن يمتنع عمن يرومه والحركة المتوسطة وهى الكسرة للمعنى المتوسط وهو القوى الممتنع عن غيره، ولا يلزم منه أن يقهر غيره ويغلبه، فأعطوا الأقوى للأقوى والأضعف للأضعف والمتوسط للمتوسط. ولا ريب أن قهر [المريد] عما يريده من أقوى أوصاف القادر، فإِن قهره عن إرادته وجعله مريداً كان أَقوى أنواع القهر، والعز ضد الذل، والذل أصله الضعف والعجز فالعز يقتضى كمال القدرة [والعزة] ، ولهذا يوصف به المؤمن ولا يكون ذماً له بخلاف الكبر. قال رجل للحسن البصرى: إنك متكبر. فقال: لست متكبراً، ولكنى [عزز] . وقال تعالى: {وَللهِ العِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينِ} [المنافقون: 8] ، وقال ابن مسعود: ما زلنا أعزة الإسلام [منذ أسلم عمر. وقال النبى صلى الله عليه وسلم "اللهم أعز] بأحد هذيْنِ الرَّجُلَيْنِ: عُمَرَ بْنَ الْخَطَّاب، أَو أَبِى جَهْل بْن هِشَام"، وفى بعض الآثار: إِن الناس بطلبون العزة فى أبواب الملوك، ولا يجدونها إِلا فى طاعة الله عز وجل. وفى الحديث: "اللَّهُمَّ أَعِزَّنَا بِطَاعَتِكَ وَلا تُذِلَّنَا بِمعْصِيتكَ" وقال بعضهم: من أَراد عزاً بلا سلطان، وكثرة بلا عشيرة، وغنى بلا مال، فلينتقل من ذل المعصية إلى عز الطاعة. فالعزة من جنس القدرة والقوة وقد ثبت فى الصحيح عن النبى صلى الله عليه وسلم أَنه قال: "الْمُؤْمِنُ الْقَوِى خَيْر وَأَحَبُّ إِلَى اللهُ مَنَ الْمُؤْمِنِ الضعيف، وفى كل خير". فالقدرة إن لم يكن معها حكمة بل كان القادر يفعل ما يريده بلا نظر فى العاقبة، ولا حكمة محمودة يطلبها بإرادته ويقصدها بفعله، كان [فعلة] فساداً كصاحب شهوات الغى والظلم، الذى [يفعله] بقوته ما يريده من شهوات الغى فى بطنه وفرجه ومن ظلم الناس، فإِن هذا وإن كان له قوة وعزة لكن لما لم يقترن بها حكمة كان ذلك معونة على شره وفساده. وكذلك العلم كماله أن [نقترن به الحكمة وإلا فالعالم الذى لا يريد ما] تقتضيه الحكمة وتوجبه، بل يريد ما يهواه، سيفه غاوٍ، [وعلمه عون له على الشر والفساد هذا إذا كان عالماً قادراً] مريداً له إِرادة من غير حكمة، وإِن قدر أنه لا إرادة له فهذا أولاً ممتنع من الحى، فإن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015