محل اجتهاد للعلماء. (?)

ومن هنا يتبين أنه لا ينبغي المجازفة بردّ أحاديث الآحاد لمجرد ما يبدو من تعارض بينها والمقاصد الشرعية، بل ينبغي أثناء افظر التَّقَيُّدُ بالضوابط الآتية:

1 - يجب النظر في مدى قطعية المقصد المخالَف، إذْ ليست كلّ المقاصد قطعية، بل منها القطعي ومنها الظني.

2 - وإذا ثبتت قطعية المقصد المخالَف لَزِمَ النظرُ في قطعية التعارض بين الخبر والمقصد، إذْ قد يكون التعارض ظاهريا غير مقطوع به، بمعنى أنه يمكن الجمع والتوفيق بينهما بوجه من أوجه الجمع والتوفيق، فَيُحْمَلُ الخبر الظني على معنى لا يعارض المقصد القطعي.

3 - إذا كان المقصد قطعيًّا، وكان التعارض قطعيًّا ولم يمكن الجمع والتوفيق بين المقصد والخبر بأي ضرب من أضرب الجمع والتوفيق لزم في هذه الحال ترجيح المقصد أو الأصل العام على الخبر، ولا يُعدُّ ذلك ردًّا للخبر إذا ثبتت صحته، بل يمكن اعتباره من باب الترجيح بين المتعارضين.

ومن أمثلة هذا عدم عمل الإمام مالك بحديث عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "المُتَبَايِعَانِ كُلّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالخيَّارِ عَلَى صَاحِبِهِ، مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، إِلاّ بَيْعَ الخِيَّارِ". (?) قال مالك: "وليس لهذا عندنا حَدٌّ معروف، ولا أمر معمول به فيه". (?)

وفسر ابن العربي هذا بما في القول بخيار المجلس من غرر وخطر لما في المجلس من جهالة المُدَّة. (?) فلم يعمل الإمام مالك بالحديث ورأى أن المراد بالتفرق التفرق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015