الحِكَم) كشفًا عن العلل ذاتها لِتُتَّخَذَ بعد ذلك مناطًا للقياس. (?) وأبرز المسالك التي يُحتاج فيها إلى معرفة المقاصد هي: مسلك المناسبة، وتنقيح المناط، وإلغاء الفارق.

سادسًا - تحكيم المقاصد في الإعتبار بأقوال الصحابة والسلف من الفقهاء

واستدلالاتهم:

فيؤخذ منها ما كان موافقًا ومناسبًا لمقاصد الشارع، ويترك ما كان خلاف ذلك، إذْ مخالفته لمقاصد الشريعة دليل ضعفه أو خطئه، فيطرح ويبحث عمَّا هو أقوى منه.

ويمكن التمثيل لذلك بما ذهب إليه جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - من أن نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثمار قبل بُدُوِّ صلاحها لم يكن القصد منه تشريع إبطال هذا النوع من البيوع وإنما كان، من باب المشاورة فقط، أي أنه مجرد اقتراح من النبي - صلى الله عليه وسلم - لحسم مادة النزاع بين الصحابة لَمَّا كثُر ذلك بينهم. ففي صحيح البخاري عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - قال: "كاَنَ النَّاسُ في عَهْدِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يَبْتَاعُونَ الثَّمَارَ فَإِذَا جَذّ (?) النّاسُ وحَضَرَ تَقَاضيهم قَالَ المُبْتَاعُ: إِنَّهُ أَصَابَ الثّمرَ الدَّمَان، (?) أَصَابَهُ مُرَاض، (?) أَصَابَهُ قُشَام (?) - عَاهَاتُ يَحْتَجُّونَ بِهَا - فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا كَثُرَتْ عِنْدَهُ الخُصُومَةُ في ذَلِكَ: فَإِمّا لَا فَلَا تَتَبَايَعُوا حَتّى يَبْدُوّ صَلاَحُ الثّمر, كَالْمَشُورَةِ يُشِيرُ بِهَا لِكَثْرَةِ خُصُومَتِهِم". (?)

فَرَأْيُ زيد بن ثابت أن هذا كان من باب المشورة، وليس من باب التشريع الملزم. ولكن لما كان في هذا خلاف لقصد الشارع من تحريم هذا النوع من البيوع، وهو دفع ما فيه من خطر وغرر وحسم مادة النزاع بين المسلمين، ولما وردت نصوص أخرى تفيد تحريم هذا النوع من البيوع، فإن كثيرًا من الفقهاء لم يأخذوا بتأويل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015