- صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُم ثَلاثًا فَلَمْ يُؤْذَن لَهُ فَلْيَرْجِعْ"، فَقَال: والله لتُقِيمَنَّ عليه بَيَّنَة. أَمِنْكُم أَحَدٌ سَمِعَهُ مِنْ النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فَقَالَ أُبيّ بْن كَعْبٍ: والله لَا يَقُومُ مَعَكَ إلّا أَصْغَر القَوْم، فَكُنْتُ أَصْغَر القَوْمِ فَقُمْتُ مَعَهُ فَأَخْبَرْتُ عُمَر أَنّ النّبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ ذَلِكَ". (?)

وعلى عكس الحادثة السابقة نجد عمر - رضي الله عنه - لم يتردد في الأخذ بحديث عبد الرحمن ابن عوف - رضي الله عنه - في أخذ الجزية من المجوس، لعدم وجود أصل في ذلك، ولأن شكه في وجود معارض لهذا الحديث كان ضعيفًا، (?) إذ قد جرى عرف الشارع بأخذ الجزية من أهل الأديان الأخرى إذا رضوا بالدخول تحت حكم الإِسلام، ومثل هذا موافق لمقصد الشارع في عدم إكراه الآخرين على اعتناق الإِسلام، والإكتفاء منهم بالتسليم له، والإنضواء تحت سلطانه، أو على الأقل مسالمته وعدم الوقوف في وجهه. ففي صحيح البخاري أن عمر - رضي الله عنه - لم يأخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف: "أَنّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أَخَذَ الجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ هَجَر (?) ". (?) وقد أخذ عمر - رضي الله عنه - بالحديث مباشرة دون تردُّد، ودون مطالبة بالبيِّنة، كما كان الأمر في الحادثة السابقة.

ثانيًا - الإستعانة بالمقاصد في فهم بعض الأحكام الشرعية:

فإن بعض الأحكام الشرعية قد تبدو غامضة، ويقف الفقيه أمامها حائرًا، عاجزًا عن إدراك كنهها، مع تسليمه بصحتها ووجوب العمل بها.

ومثال ذلك ما جرت به السنّة من عدم استلام الركنين اللذين يليان حجر إسماعيل، والإكتفاء بتقبيل الحجر الأسود، واستلام الركن اليماني. فخصوصية الحجر الأسود واضحة، أما التفريق بين الركن اليماني والركنين الآخرين ففيه غموض. وقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015