عند الحديث عن مجالات الاستقراء عند الشاطبي. (?)
3 - تحرير الاستقراء من قيود المنطق الأرسطي، وإعطائه مصداقية وقوة أكبر في الإستدلال به، وذلك من خلال أمرين: أحدهما: رفض ما انتشر بين المناطقة من كون الاستقراء الناقص لا يفيد القطع مطلقًا، وذهابه إلى أن الاستقراء يفيد أساسًا الظن، لكنه مع ذلك يفيد القطع أيضًا إذا توافرت شروطه، بل إنه بلغ به غاية القوة في الإستدلال عندما أضفى على كثير من نتائحه أوصاف الكلية والعموم والقطع.
والثاني: إخراجه من الإطار الذي وضعه فيه المنطق الأرسطي، وإلحاقه بالتواتر حيث جعله نوعًا من أنواع التواتر وجعله شبيها بالتواتر المعنوي، (?) وسماه "الاستقراء المعنوي". وقد حقق عمل الشاطبي هذا للإستقراء فائدتين:
الأولى: إعطاؤه ما للتواتر من قوة في الإستدلال، من حيث كونه موصلًا إلى العلم، ومن ثَمَّ التخلص مما يسمى عند المناطقة بـ"مشكلة الاستقراء الناقص".
الثانية: تسويغ العمل به في الشرعيات من خلال تحريره من رواسب المنطق اليوناني، وبالتالي التخلص مما يمكن أن يُثار من حساسية في استعماله، بحكم عدِّه من قِبَل كثير من العلماء المسلمين موروثًا يونانيًّا دخيلًا على العلوم الشرعية ينبغي اجتنابه لِمَا يمكن أن يتركه من آثار سلبية في هذه العلوم.