أما الاستقراء الناقص، فإن الشاطبي يرى أنه قد يفيد الظن، وقد يفيد القطع إذا توفر لذلك جملة شروط سيأتي ذكرها. والدليل على ذلك تصريحه بأن نيتجة الاستقراء قد تكون قطعية، وقد تكون ظنية، حيث يقول: " ... أن الاستقراء هذا شأنه؛ فإنه تصفح جزئيات ذلك المعنى ليثبت من جهتها حكم عام، إما قطعي، وإما ظني". (?)
ومن المواطن التي يؤخذ منها أن الاستقراء الناقص عنده قد يفيد القطع: حديثه عن المقدمات والأدلة المعتمدة في إثبات قواعد أصول الفقه، وأنها لا تكون إلَّا قطعية، فذكر منها أربعة:
1 - الأدلة الراجعة إلى أحكام العقل الثلاثة: الوجوب، والجواز والإستحالة.
2 - الأدلة الراجعة إلى أحكام العادة وهي ثلاثة: الوجوب، والجواز والإستحالة.
3 - الأدلة السمعية، وهي الأخبار المتواترة: لفظًا -إذا كانت ألفاظها قطعية الدلالة-، ومعنى.
4 - الأدلة المستفادة من الاستقراء في موارد الشريعة (?). كثير من هذه الأدلة مستفاد من استقراءات ناقصة، كما سيتبين عند الحديث عن مجالات استخدام الاستقراء عند الشاطبي.
ومنها استدلاله بالاستقراء الناقص على تعليل الأحكام الشرعية، وأن الشريعة إنما وضعت لمصالح العباد في العاجل والآجل، حيث قال -بعد استعراض جملة من الأدلة المستقرأة-: "وإذا دلّ الاستقراء على هذا، وكان في مثل هذه القضية مفيدًا للعلم فنحن نقطع بأن الأمر مستمر في جميع تفاصيل الشريعة". (?) وهو استقراء - ولا