وفي تناوطم بالدراسة مسالك العلة، نجد الاستقراء حاضرًا، كما هو الحال في مسلك الدوران (الطرد والعكس) الذي هو تلازم الحكم والعلة وجودًا وعدما، (?) وهو أمر يحتاج في إثباته إلى الاستقراء، وهو من الاستقراء الناقص. وكما هو في مسلك السبر والتقسيم، إذ التقسيم هو استقراءُ أوصافِ الأصل وجمعها في جملة معينة. (?)
والقواعد والضوابط الفقهية يقوم الجزء الأكبر منها على الاستقراء، إذْ نوعان: قواعد مقتبسة من النصوص الشرعية، مثل "لا ضرر ولا ضرار، (?) و"الأمور بمقاصدها"، (?) وهذا يمثل جزءًا يسيرًا من القواعد الفقهية، أما الجزء الأكبر فإنه مُستمدٌّ بطريق استقراء الفروع الفقهية الواردة في الباب الواحد لإستخراج قاعدة كلية أو أغلبية تنتظم تلك الفروع في عقد واحد، وتضبطها بضابط مشترك. (?)
كما كان الاستقراء أحدَ الوسائل التي اعتمدها الفقهاء في أبواب كثيرة من الفقه الإِسلامي، كإحصاء أنواع المياه، وتحديد دماء الحيض والنفاس والإستحاضة، وتحديد أقصى مدة الحمل، والإستدلال على عدم فرضية صلاة الوتر، (?) وغير ذلك.
وكان الاستقراء هو الوسيلة الأساسية التي اعتمدها علماء اللغة العربية في استخراج قواعدها وضوابطها، إذ استقصوا في سبيل ذلك معظم التراكيب العربية