أننا في الإستنباط نسير سيرًا معاكسًا، أي من القوانين العامة إلى الجزئيات التي تندرج تحتها، وبناءً على هذا يرى البعض تحامل الاستقراء والإستنباط، حيث نقوم عن طريق استقراء المعطيات الجزئية باستنتاج قانون عام، ثم نقوم باختبار هذا القانون العام عن طريق استنباط معطيات منه؛ فإذا تمكَّنَّا من الإستنباط بدون عائق وبدون تناقضات تكون قد تمت البرهنة على صدق ذلك القانون، (?) وعلى ذلك يمكن أن يوصف منطق الاستقراء بأنه منطق الاكتشاف، ومنطق الإستنباط بأنه منطق البرهان.
ومنها أن نتيجة الاستقراء نصل إليها بعد القيام بسلسلة من الملاحظات والتجاوب، وبتعبير جون ديوي يمثل الاستقراء: الإجراءات التي تكون بها تعميمات وجودية، في حين يمثل الإستنباط الإجراءات المختصة بالعلاقات التي تربط القضايا الكلية المجردة في مجرى التفكير النظري. (?)
ومنها أن نتيجة الإستدلال الإستنباطي يُجزم عادة بصدقها منطقيًّا إذا صحت مقدماتها، ويحون التبرير المنطقي لذلك الجزم تأسيسًا على مبدأ عدم التناقض؛ ذلك أنه لما كانت النتيجة مستبطَنَة في المقدمات، وكانت مساوية لها أو أصغر منها، وجب أن ينتج عن صدقِ المقدمات صدقُ النتيجة ضرووة، لأن افتراض صدق المقدمات دون النتيجة يمثل تناقضًا منطقيّا طبقًا لمبدأ: صدق الكل يقتضي صدق أجزائه، وإلَّا كان ذلك تناقضًا، بخلاف نتيجة الاستقراء الناقص فإنه لا يمكن تبريرها وفق هذا المبدأ. (?)
ومهما يكن من فروق بين الاستقراء والإستنباط فإن ذلك لا يعني إقامة حد فاصل بينهما، وأن كلًّا منهما يعمل بمعزل عن الآخر بل هما منهجان متعاونان، وفي كثير من الأحيان يحتاج أحدهما للإستكمال بالآخر ويرى جون ديوي أن تكاملها