وفي كتاب الجدل يقدم تعريفًا لما يمن اعتباره الاستقراء الناقص، حيث عرفه بأنه: الإنتقال من الجزئيات إلى الكليات، وذلك في قوله: "الطريق من الأمور الجزئية إلى الأمر الكلي. مثال ذلكُ أنه إن كان الربان الحاذق هو الأفضل، فالأمر كذلك في الفارس، فيصير بالجملة الحاذق في في كل واحد من الصنائع هو الأفضل"، (?) وقوله: " ... أما في حال استعمالك الاستقراء فإنك تتدرج من الأشياء الجزئية إلى القضية الكلية، ومن الأشياء المعروفة إلى التي هي غير معروفة". (?) فهذا هو الاستقراء الناقص الذي هو انتقال من الجزئيات المعروفة، أي التي شملها الاستقراء، إلى القضية الكلية التي تشمل الجزئيات المعروفة والتي تشبهها مع عدم شمول الاستقراء لها.
ثانيًا: الاستقراء في اصطلاح علماء المسلمين:
الناظر في تعريفات المناطقة المسلمين للإستقراء يجد أنه لا يخرج عن الإطار العام الذي وضعه فيه المنطق اليوناني، وهو الإنتقال من الجزئيات إلى الكليات، لنصل إلى الحكم على الكلي بما وُجِد في الجزئيات. وليس هذا بالغريب إذ إن أعمال أكثر الفلاسفة المسلمين في المنطق هي ترجمات لأعمال أرسطو وشروح وتعليقات عليها. وإن كانت تلك الأعمال لم تخل من انتقادات وتعديلات، وبعض الإضافات، إلَّا أنها في إطارها العام تبقى دائرة في فلك المنطق اليوناني بصفة عامة، والأرسطي بصفة خاصة.
فقد عرفه ابن سينا بأنه: "الحكم على كل بما وُجِد في جزئياته الكثيرة، مثل حكمنا بأن كل حيوان يحرك عند المضغ فكه الأسفل استقراءً للناس، والدواب البرّية، والطير. (?)
وقريب من هذا التعريف تعريف أبي حامد الغزالي له بأنه: "أن تتصفح جزئيات كثيرة داخلة تحت معنى كل، حتى إذا وجدت حكمًا في تلك الجزئيات، حكم على