فأمره بنزع الجبة وغسل الطيب ولم يأمره بالكفارة؛ فهل سكوته عن الكفارة يدلّ على بقاء الحكم على الأصل، وهو أنه لا كفارة على الجاهل؟ أم أنه إنما سكت عن ذلك إحالةً على ما ورد من نصوص أخرى في وجوب الفدية على خرق محظورات الإحرام؟

ذهب المالكية والحنفية (?) إلى وجوب الكفارة بناءً على أن السكوتَ هنا إحالةُ على ما ورد من نصوص في حُكْم خرق محظورات الإحرام. وذهب الشافعية والحنابلة (?) إلى أن السكوت هنا دليل على عدم وجوب الفدية على الجاهل. واستدلوا على ذلك بأن الأعرابي الذي يجهل حرمة لبس الجبة والتطيب على المحرم حريّ به أن يكون جاهلاً بلزوم الفدية، ولا شك أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان مدركاً لذلك، ومع ذلك سكت عن

حكم الفدية فدلّ ذلك على عدم وجوبها. (?)

المثال الثاني: قصة الرجل الذي وطئ زوجته في نهار رمضان فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالتكفير وسكت عن حكم المرأة -حسب الروايات الواردة- فهل يدلّ ذلك على أنه لا كفارة على المرأة؟ أم أن سكوته ذلك إحالة على ما عُلِمَ من استواء الرجل والمرأة في أحكام كفارات الإفطار في رمضان؟

روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -: جَاءَ رَجُلُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: إِنَّ الأَخِرَ وَقَعَ عَلَى امْرَأَتِهِ فِي رَمَضَانَ. فَقَالَ: "أَتَجِدُ مَا تُحَرِّرُ رَقَبَةً؟ " قَالَ: لا. قَالَ: "فَتَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ " قَالَ: لا. قَالَ: "أَفَتَجِدُ مَا تُطْعِمُ بهِ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ " قَالَ: لا. قَالَ: فَأُتِيَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بعَرَقٍ فِيهِ تَمْرُ -وَهُوَ الزَّبِيلُ (?) - قَالَ: "أَطْعِمْ هَذَا عَنْكَ". قَالَ: عَلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015