الذي رواه، وعدم مخالفته لخبر آخر لم يروه، أو ظهر أنه لم يحط بمعناه لفوات بعض ملابسات الحادث عنه أو غير ذلك من أسباب عدم الإحاطة بمعناه، (?) فإذا تحققنا من عدم وجود واحد من هذه الإحتمالات لم يبق إلّا أنه خالف الحديث لقرينة اطلع عليها تفيد ذلك، وهنا يجب المصير إلى قوله.
ومثال ما خالف فيه الصحابي رواية غيره حديث أَبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلاَ فِي فَرَسِهِ صَدَقَةُ". (?)
وحديث عليِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "قَدْ عَفَوْتُ عَنْ صَدَقَةِ الخيْلِ وَالرَّقِيقِ فَهَاتُوا صَدَقَةَ الرِّقَةِ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمًا وَلَيْسَ فِي تسْعِينَ وَمِائَةٍ شيءٌ فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْنِ فَفِيهَا خمسَةُ دَرَاهِمَ". (?)
فقد روي عن ابن عباس تخصيص الخيل بما يُغْزى عليه في سبيل الله، وعن عثمان وعمر تخصيصه بالسائمة. (?)
ومثال ما خالف فيه الصحابي عموم ما رواه هو بنفسه، حديث ابن عباس لما
بلغه أن عليّاً - رضي الله عنه - أُتِي بزنادقة فأحرقهم، فقال: "لو كنت أنا لم أحرقهم تنبيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ الله" ولقتلتهم لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ". (?) ثم روي عنه أن المرأة إذا ارتدت لا تقتل، وإنما تحبس إلى أن تتوب أو يوافيها الأجل. (?) فالحديث عامّ في قتل من بدّل دينه -رجلًا كان أم امرأة- ولكنه خصّه بالرجال دون النساء.