الأموال، فأقرهم، وتركهم1. وتوجه الروم في مائتي ألف إلى حلب. وفيهم ثلاثون ألفاً بالجواشن، وثلاثون ألفاً للهدم، وإصلاح الطرق من الثلج، وتمكن الروم من دخولها، وفر سيف الدولة إلى ميافارقين فقد كان قليل الصبر2. ولم ينجُ إلا قلعه حلب، وبقي فيها الروم تسعة أيام، عاثوا فيها فساداً، وقتلوا حتى كلّوا، وملّوا، وأحرقوا المساجد، وقتلوا جميع أسرى المسلمين، وقدر عدد القتلى بمائة وخمسين ألفاً بحلب3 واستنجد سيف بأهل الشام، فسار إليه جيش من دمشق على رأسه ظالم بن السلال العقيلي واليها من جهة الدولة الإخشيدية4، كما وصل إلى طرسوس كثير من المجاهدين. فانسحب الروم من حلب. وسيّر سيف حاجبه في جيش من أهل طرسوس إلى بلاد الروم، فحققوا بعض لانتصارات5.
وضعف أمر سيف الدولة بعد كائنة حلب، وأصيب بفالج عام 352 هـ في يده، ورجله6. ولكن أهل طرسوس تابعوا الجهاد، فدخلوا بلاد الروم غازين مرة أخرى، كما دخلها نجا غلام سيف الدولة من درب آخر، وأوغل أهل طرسوس في غزوهم حتى وصلوا إلى قونية، وعادوا7.
واضطرب أمر بني حمدان، بسبب خلافات هبة الله بن ناصر الدولة بن حمدان مع عمه سيف الدولة8. وكان الروم يرقبون ذلك فرحين، وهدفهم إضعاف طرسوس واستنزافها، فقاموا بحملات مكثفة على ما تبقى من الثغور الشامية، على رأسهم نقفور نفسه، الذي عسكر على مقربة من إذنة. فخرج أهلِ طرسوس لمساعدة أهلها عام 353 هـ، وكانت كارثة فقد قتل من المسلمين خمسة عشر ألفا، وأقام نقفور خمسة عشر يوماً في بلاد الإسلام، لم يقصده أحد لقتاله. وعاد لغلاء الأسعار، وقلة الأقوات. بعد أن أرسل الدمستق إلى أهل المصيصة، وإذنة، وطرسوس قائلا: "إني منصرف عنكم، لا لعجز ولكن لضيق العلوفة، وشدة الغلاء، وأنا عائد إليكم، فمن انتقل منكم نجا، ومن وجدته بعد