وظهرت الدولة الحمدانية، في الجزيرة الفراتية، والإمارة الإخشيدية في مصر، والشام. وتبعت الثغور الجزرية الدولة الحمدانية منذ البداية، في حين أن الثغور الشامية وأهمها طرسوس، تبعت الدولة الإخشيدية أولاً، ثم الحمدانية، وتأثرت بصراع الدولتين. وفي الواقع وقع عبء الجهاد في الثغور على أهلها، وعلى الدولة الحمدانية. وأقامت طرسوس الدعوة لسيف الدولة بن حمدان عام 335 هـ، فأنفذ إليها الخلع والذهب، وأنفذ إليهم آلاف الدنانير للفداء1. وقام نصر الثملي أمير الثغور لسيف الدولة، بالفداء، وكان عدة الأسرى 2480 أسيراً، من ذكر وأنثى، وفضل الروم على المسلمين 23 أسيرا لكثرة من معهم من الأسرى، فوفاهم سيف الدولة2.
ووقع الخلاف بين أهل طرسوس، وتأرجحوا في الولاء بين الدولة الحمدانية، والإخشيدية، والبويهية. فأثر ذلك على قوتها، وعندما دخل سيف الدولة بلاد الروم عام 337 هـ، انهزم، وأخذت الروم مرعش، وأوقعوا بأهل طرسوس بأساً شديداً3.
ودخل سيف الدولة عام 338 هـ بلاد الروم بنحو ثلاثين. ألفاً، ومعه عسكر طرسوس في أربعة آلاف، وعليهم القاضي أبو حصين4. فوغل في بلاد الروم، وعاد الطرسوسيون والعربان إلى بلادهم. وكانت الروم قد أخذوا على سيف الدولة الدروب والمضايق، فقتلوا عامة من معه، وأسروا بقيتهم، واستردوا ما كان أخذه، ونجا سيف الدولة في عدد يسير5. وحاول الطرسوسيون الانتقام لهزيمته، فغزوا في البر والبحر6.
وحاول سيف الدولة الغزو عام 0 34 هـ فحدث له ما حدث عام 338 هـ7. وزاد الأمر سوءاً أن ضربت الزلازل الثغور، فأثر ذلك على طرسوس. وتمكن الروم من انتزاع زمام المبادرة، وسقطت سروج بأيديهم، فسبوا أهلها، وغنموا أموالهم، وأخربوا المساجد8 في الوقت الذي اتصلوا فيه بالدولة الفاطمية العبيدية المغرب لمفاوضتها9