ويشتركون في الجهاد، حسبة لله وتطوعا، ولم تخل بلاد الإسلام أبداً من أفذاد يتطوعون للرباط، أو الجهاد، ويخفّون إلى مناطق الثغور والسواحل، للاشتراك في ذلك العمل الجليل مع الجند، أو الانفراد به. وطَرَسوس من المدن التي مصّرها المسلمون في العهد العباسي في آسيا الصغرى، وقامت بدور جهادي بطولي هو موضوع بحثنا هذا بإذن الله.

وطرسوس: بفتح الطاء والراء1، من مدن آسيا الصغرى، على ساحل البحر الأبيض المتوسط إلى الشمال الغربي من أنطاكيا، من ثغور الشام المشهورة، مع المصيصة2 ويبعد عنها مضيق البوسفور أكثر من 450 ميلا في خط مستقيم قاطعا هضبة آسيا الصغرى الجبلية3 وكانت قاعدة للهجوم الإسلامي على القسطنطينية4، منذ تمصيرها، براً أو بحرا، إذ تشرف على المدخل الجنوبي للدرب المشهور عبر جبال طوروس المعروف بأبواب قليقية5. فكان بينها وبين حدّ الروم جبال منيعة متشعبة من اللكام6. كما كان يشقها نهر البردان (نهر كودنس) 7 ومنبعه من جبل في شمال طرسوس يعرف بالأقرع، ويصب في بحر الروم، (البحر الأبيض المتوسط) غير بعيد عن المصبّ الحديث لنهر سيحان.

وفي ناحية الغرب وعلى مرحلة من طرسوس نهر اللامس، الذي شهد أحداث الفداء بين المسلمين والروم8 مرات كثيرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015