أمهر البحارة، وأشدهم بأساً، وأخذ يبني أسطولا جديداً، ويستعد للقيام بغزوات بحرية تعيد لطرسوس هيبتها. كما قام نزار بن محمد عامل الحسن بن علي كوره بغزو الصائفة عام 288 هـ، وأسر عددا من الروم، أدخلهم طرسوس، ثم وجههم إلى بغداد1.
وتوفي المعتضد عام 289 هـ، وبويع للمكتفي بالله 2891-295 هـ، وفي عهده اشتد أذى القرامطة، والأعراب، وامتد من هجر إلى الشام2، فأثر ذلك على عملية الجهاد في طرسوس، واتجه أهلها إلى المكتفي بالشكوى من واليهم مظفر بن جناح، فعزله المكتفي عام 290 هـ، وولّى عليهم أبا العشائر أحمد بن نصر3، الذي خرج مع جماعة من المطوعة للغزو، كما حمل الهدايا من المكتفي إلى ملك الروم4.
وخرج المكتفي إلى الرقة عام 291 هـ، وأخذ يسرح الجيوش إلى القرمطي، جيشاً بعد جيش، وورده هناك رسول من ملك الروم يسأله الفداء بمن في يده من المسلمين أسرى، ومعهما هدايا، وأسارى من المسلمين، بعث بهم إليه، فأجابه إلى طلبه. وقام أبو العشائر أمير طرسوس بالفداء5.
ويظهر أن مهمة رسل الروم كانت للتجسس في الدرجة الأولى، فبعد عودتهم وإتمام عملية الفداء، نهض الروم في عشرة صلبان، مع كل صليب عشرة آلاف، وتوجهوا إلى الثغور، وأغاروا عليها، وخرّبوا، وقتلوا خلقاً، وسبوا نساء وذرية من المسلمين6.
وكان غلام زرافة قد أتم استعداداته البحرية، فهاجم بعسكر طرسوس بلاد الروم من الساحل، وفتح مدينة أنطاكية. وهي أتاليا أو انطاليا- من أعظم مدن الروم على ساحل البحر المتوسط، وخلّص من أسارى المسلمين خمسة آلاف أسير، وأخذ للروم ستين مركبا، وغنم شيئا كثيراً، فبلغ نصيب كل واحد من الغزاة ألف دينار7.
وعندما أغار "اندرونقس" الرومي على مرعش ونواحيها، نفر أهل المصيصة، وأهل