طرسوس، وأمره بانتظاره في الصفصاف، وانطلق هو على أثره، واستولى المسلمون على أنقرة، ثم تقدموا إلى عمورية (مسقط رأس الأسرة العمورية الحاكمة في بيزنطة (802هـ 867 م) وعلى مسافة سبعة مراحل من أنقرة، وحاصر المعتصم عمورية، واستولى عليها، وأمر بهدمها، وأحرقت. وكان نزوله عليها لسِتٍ خلون من رمضان، وأقام عليها -خمسة وخمسين يوما. ولم يستغل المعتصم انتصاره الكبير هذا، بل رجع إلى طرسوس1، ليصفي حسابه مع المتآمرين في جيشه، ففوت الفرصة على المسلمين في التقدم إلى القسطنطنية، ولكنه أمر بتحصين قالياقلا، وأمر ببناء زبطرة ورمّها وشحنها 2 فعادتا كما كانتا قبل مهاجمة تيوفيل لهما. وكان تيوفيل استنجد بملوك أوربا وأمرائها.. وهذا أيضا من الأسباب التي منعت المعتصم من استثمار ذلك النصر الكبير.

وفي عهد الواثق (228- 232 هـ) تم تبادل الأسرى في المحرم من عام 231 هـ على يدي الأمير خاقان الخادم، على ضفاف نهر اللامس، واشترى الواثق من ببغداد وغيرها من أسرى الروم، وعقد لأحمد بن سعد بن مسلم بن قتيبة الباهلي على الثغور والعواصم، وأمره بحضور الفداء مع خاقان. فحضرت مفاوضات الفداء فرقة عباسية عددها سبعون ألفا من حملة الرماح، فكانت فرصة لإظهار قوة المسلمين.

وفي العاشر من محرم اجتمع المسلمون ومن معهم من أسرى الروم على النهرِ، وأتت إلى الروم ومن معهم من أسرى المسلمين، والنهر بين الجانبين، وأقام كل منهما جسرا. فكان المسلمون إذا أطلقوا أسيرا، أطلقوا الروم أسيراً مثله، فيلتقيان وسط الجسر، فإذا وصل المسلم كبر المسلمين، وإذا وصل الرومي إلى أصحابه صاحوا صيحة الفرح. وكان عدد من افتدي من المسلمين4460 نفساً، النساء وأزواجهن وأولادهن ثمانمائة، ومن أهل الذمة مائة، كانت الدولة تعطي الطليق فرساً وألف درهم3 وممن أطلق من أسرى المسلمين مسلم بن أبي مسلم الجرمي، وكان من مشاهير أهل الثغور، وعلى معرفة بأهل الروم وأرضهم، وله مصنفات في أخبارهم، وملوكهم، وذوي المراتب منهم4.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015