قبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأَخْبرنِي من يعرفهُ أَنه كَانَت لَهُ معرفَة جَيِّدَة بِعلم الْأَسْمَاء وَأَنه لما عَاد من مَكَّة المشرفة إِلَى بَلَده فسكن الْمَكَان الَّذِي يُسمى جبا وَهُوَ الْمَعْرُوف بمعشار حصن خدد فقصدته الطّلبَة للْعلم من كل مَكَان فَأفْتى ودرس وانتفع بِهِ أهل ذَلِك الْقطر وَألف كتبا كَثِيرَة مِنْهَا لوامع الْأَنْوَار وجوامع الْأَسْرَار فِي مُنَاجَاة الْعَزِيز الْغفار لقَضَاء الْحَوَائِج والأوطار وَمِنْهَا كتاب الشِّفَاء التَّام من الآلام والأسقام والأسماء الْعِظَام وَله غير ذَلِك وَكَانَ ورعا متقللا من الدُّنْيَا وَلَا يَأْكُل إِلَّا مَا تَيَقّن حلّه
وقصده النَّاس للتبرك بِهِ واعتقدوه حَتَّى قيل بِأَنَّهُ القطب وشهدوا على كَلَامه بِأَنَّهُ لَقِي الْخضر عَلَيْهِ السَّلَام وبشره ببشارات كَثِيرَة وَأَنَّهُمْ رَأَوْا جماعات من الْجِنّ يقرؤون عَلَيْهِ وسمعوه يدرس فِي مَسْجِد وسمعوا اصواتا من جمَاعَة يراجعونه فِي مسَائِل ثمَّ دخلُوا ذَلِك الْمَسْجِد فَلم يرَوا أحدا وأخبروا بِشَيْء أعلمهم بِهِ أَنه سَيكون فَكَانَ على مُقْتَضى مَا أخبر بِهِ من ذَلِك أَنه خرج لَيْلًا إِلَى عِنْد جمَاعَة من أَصْحَابه فَقَالَ لَهُم إِن الْفَقِيه عفيف الدّين عَطِيَّة بن عبد الرَّزَّاق توفّي هَذِه السَّاعَة بِذِي جبلة فَمن أحب مِنْكُم أَن يتَقَدَّم لقبرانه فليذهب
وَكَانَ بَين الْمَكَان الَّذِي هُوَ فِيهِ وَذي جبلة مسيرَة قدر نصف يَوْم
وَمن ذَلِك مَا أخبر بِهِ الثِّقَة أَنه وجد وزغة فهم بقتلها فَنَهَاهُ الْفَقِيه وجيه الدّين وَقَالَ إِنَّهَا تنْتَظر زَوجهَا قَالَ فوصل رجل من مَكَان بعيد بِشَيْء من الحنا للفقيه وجيه الدّين فَوَضعه فِي ذَلِك الْمَكَان فَخرج من بَين ورق الحنا وزغة فَذَهَبت إِلَى تِلْكَ الوزغة الأولى فركبت عَلَيْهَا وغابتا
وَحكى عَن كرامات أخر وعَلى الْجُمْلَة فقد كَانَ الإِمَام وجيه الدّين من الْأَئِمَّة الْعلمَاء العاملين الْمُحَقِّقين فِي الْعُلُوم الظَّاهِرَة مُسلما لَهُ وَكَانَ ثبتا فِي الْجَواب محققا فِي التدريس مكرما للضيف مَقْصُودا للمهمات مجللا مُحْتَرما جَامعا لطريقتي