وَمن تِلْكَ النواحي الْفَقِيه الْعَالم النَّحْوِيّ جمال الدّين مُحَمَّد بن المسلمي كَانَ من الَّذين طافوا الْبلدَانِ شرقا وغربا وشاهدوا عجائبها وَاجْتمعَ بصلحائها وعلمائها وَكَانَ يحفظ مقامات الحريري فَلَمَّا أسن وَكبر قطن بِبَلَد بني مُسلم وَكَانَ ذَا مَال جزيل يخفيه فَعلم عَلَيْهِ فَأَخذه شيخ بَلَده عَلَيْهِ ظلما
أَخْبرنِي أَنه مِمَّا غصب عَلَيْهِ جَوْهَرَة ثمينة حصلت لَهُ فِي أَيَّام غربته من بلد الْعَجم وَتُوفِّي سنة أَرْبَعِينَ وثمانمئة
وَمن نَاحيَة المشيرق شَرْقي حصن خدد من مخلاف جَعْفَر جمَاعَة مِنْهُم الْفَقِيه الصَّالح عفيف الدّين عبد الله بن مُحَمَّد بن رشيد كَانَ رجلا عابدا عَالما عَلَيْهِ عَلامَة الصَّالِحين دأبه الْخُشُوع والتواضع يُؤثر الخمول وَلَا يكَاد يرى ضَاحِكا وَلَا يفتر عَن ذكر الله والتلاوة يلبس الخشن وَلَا يكَاد يَأْكُل إِلَّا مَا تحقق حلّه كثير الصمت لَهُ مُشَاركَة بِالْحَدِيثِ النَّبَوِيّ كثير التفكير قيل كَانَ يعرف الِاسْم الْأَعْظَم شاهدته وَطلبت مِنْهُ الدُّعَاء وَتُوفِّي بالفراوي وقبر هُنَاكَ رَحمَه الله تَعَالَى
وَمن المتوفين هُنَالك الشَّيْخ صارم الدّين دَاوُد بن صَالح المُصَنّف هُوَ اسْم علم لَهُ وَلَيْسَ هُوَ مصنفا وأصل بَلَده من مَدِينَة إب ثمَّ انْتقل ألى الفراوي خوفًا على نَفسه من شيخ بَلَده بِسَبَب مَا نسب إِلَيْهِ من مُوالَاة ولد أُخْته الْمُسَمّى مَحْمُود بن الشَّيْخ الْجلَال بن مُحَمَّد السيري فقد كَانَ الشَّيْخ الْجلَال الْمَذْكُور تزوج أُخْت الشَّيْخ صارم الدّين الْمَذْكُور وَحدث لَهُ مِنْهَا ولد هُوَ الْمَذْكُور فخاف الْمُسْتَقيم بِالْأَمر ببعدان من بعد الشَّيْخ الْجلَال من هَذَا الْوَلَد فَأسرهُ ثمَّ فكه الله تَعَالَى بعد ذَلِك بعد أُمُور ذكرتها فِي التَّارِيخ الْكَبِير