غزل الْكَتَّان أخبر أَنه قَرَأَ على جمَاعَة من الْعلمَاء مِنْهُم الشَّيْخ الصَّالح صَلَاح الدّين البُلْقِينِيّ وَالشَّيْخ بدر الدّين مُحَمَّد بن جلال الْمصْرِيّ وَالشَّيْخ بدر الدّين مُحَمَّد بن السكساكي الفراهي بِجَمِيعِ فنون الْعلم فأجازوا لَهُ فدرس وَأفْتى وَطَاف الْبلدَانِ مصر وَالشَّام واليمن وَغَيرهَا وبرع بالعلوم وصنف كتبا كَثِيرَة مِنْهَا شرف العنوان جعله على منوال عنوان الشّرف الَّذِي للْقَاضِي إِسْمَاعِيل بن أبي بكر المقرىء فضمن الشَّيْخ الغزولي كِتَابه خَمْسَة عُلُوم مِنْهَا مَا يقْرَأ من أول السطر فأوله القصيدة الياسمينية فِي علم الْجَبْر والمقابلة وَالَّذِي يَلِيهِ فِي علم النَّحْو وَالَّذِي يَلِيهِ فِي علم الْعرُوض وصنف فِي الْأُصُول جُزْءا لطيفا على جمع الْجَوَامِع وَله مصنفات غير ذَلِك وَفد إِلَى مَدِينَة تعز فدرس بهَا ثمَّ رَجَعَ إِلَى ثغر عدن فَأَقَامَ بهَا يدرس ويفتي ثمَّ انْتقل إِلَى الْهِنْد فَأكْرمه سلطانها وجلله فنشر علمه بهَا مُدَّة يسيرَة ثمَّ توفّي بهَا سنة خمس وَسِتِّينَ وثمانمئة وَكَانَ لَهُ رَحمَه الله شعر حسن مِنْهُ فِي الْحَث على الِاجْتِهَاد فِي الْعلم
(أخي هلا إِن كنت ذَا همة ... تجافي النّوم وتهوى الْكرَى)
(وتبذل الْأَوْقَات فِي صَفْقَة ... تربح فِيهَا عزك الأكبرا)
وَمِنْهُم الْفَقِيه برهَان الدّين إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن كريم الدّين بن عبد الْكَرِيم الْعَسْقَلَانِي الْحَنَفِيّ الْوَاعِظ الْقُدسِي أخبر أَنه نَشأ بالقدس فَقَرَأَ على وَالِده بِشَيْء من الْعُلُوم ثمَّ ارتحل إِلَى مصر فَقَرَأَ على الإِمَام ابْن حجر فِي الحَدِيث وعَلى غَيره فأجازوا لَهُ ثمَّ انْتقل إِلَى مَكَّة المشرفة فَأَقَامَ بهَا وبجدة سبع سِنِين وَغلب عَلَيْهِ علم التصوف واشتهر بِحسن الْوَعْظ وَله مُصَنف فِي فضل الْأُخوة فِي الله تَعَالَى وَفِي آدابها وَفِي فضل الشَّيْخ عبد الْقَادِر الجيلاني وكراماته وَفد إِلَى مَدِينَة زبيد بِشَهْر شعْبَان سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وثمانمئة فوعظ بجامعها ثمَّ انْتقل إِلَى مَدِينَة تعز فوعظ بِجَامِع ذِي عدينة وَحَضَرت وعظه فَوَجَدته حَافِظًا لافظا يَأْتِي بالأحاديث النَّبَوِيَّة والْآثَار عَن الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ والمفسرين والحكايات عَن الصَّالِحين عَن ظهر الْغَيْب مَا لَا يَسْتَطِيع لَهُ غَيره فَأَقَامَ بِمَدِينَة تعز أَيَّامًا ثمَّ رَحل إِلَى ذِي جبلة ثمَّ إِلَى عدن ثمَّ عَاد إِلَى مَدِينَة تعز فاتفق بَينه وَبَين فُقَهَاء مَدِينَة تعز وَحْشَة أدَّت إِلَى امْتِنَاعه من الْوَعْظ ورحيله عَنْهَا وَذَلِكَ بِشَهْر ربيع الأول سنة تسع وَسِتِّينَ وثمانمئة