ذَلِك وَهُوَ من بديع الْكَلَام مَا أنشأه الإِمَام الْجَزرِي فِي الْفَقِيه شرف الدّين يمدحه شعرًا
(أشتاق للبيت الْعَتِيق وزمزم ... ومقامه والركن والتقبيل)
(والآن بالشرف الْعلي لي الهنا ... لما خصصت بِحجر إِسْمَاعِيل)
فَأَجَابَهُ القَاضِي شرف الدّين
(وَمَا حجر إِسْمَاعِيل لَوْلَا مُحَمَّد ... تَدَارُكه حجرا معدا لذِي حجر)
(وَلَا غرو إِن آخاه والعرق وَاحِد ... أَلَسْت ترى كلا يُقَال لَهُ الْمقري)
(خلفت رَسُول الله أَنْت مُحَمَّد ... وَأَنت ابْنه وَابْن ابْنه طيب الذّكر)
(بحور عُلُوم أغرق الْبَحْر مدها ... فكفكفته بالجزر خوفًا على الْبر)
(فَمن أجل هَذَا الْبر بِالْبرِّ خَيرهمْ ... مُحَمَّد وَهُوَ الْبَحْر يعرف بالجزر)
ثمَّ إِن هَذَا الإِمَام الْجَزرِي انْتقل من مَدِينَة زبيد إِلَى مَدِينَة تعز فَلَمَّا وصل إِلَيْهَا اجْتمع عِنْده فُقَهَاء الْبَلَد وعلماؤها وقرؤوا عَلَيْهِ وَاجْتمعَ بمجلسه من نسخ الْحصن الْحصين من مصنفاته نَحْو مئة وَخمسين نُسْخَة فانشرح صَدره وَحمد الله تَعَالَى على ذَلِك وقرىء عَلَيْهِ صَحِيح الإِمَام مُسلم بن حجاج وَكتابه النشر فِي الْقرَاءَات الْعشْر وَبَعض كتاب البُخَارِيّ وكتبا غير ذَلِك فِي الحَدِيث وأنشدهم لنَفسِهِ فِي مدح الإِمَام البُخَارِيّ بَيْتَيْنِ هما
(وَفِي عليا بُخَارى لي مغان ... لَهَا أصبوا إِلَى تِلْكَ الديار)
(أعفر فِي ثراها الْوَجْه عَليّ ... أصادف موضعا وطي البُخَارِيّ)
وَله شعر كثير ذكرت بعضه فِي الأَصْل ثمَّ ارتحل إِلَى بَلْدَة شيراز فَتوفي بهَا سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وثمانمئة وَله فَوَائِد وفضائل ومناقب يضيق هَذَا الْمَجْمُوع عَن تَحْقِيق