إِلَى مَدِينَة تعز فَوقف بهَا يدرس ويفتي حَتَّى توفّي الْمَنْصُور واستقام بِالْملكِ السُّلْطَان الْأَشْرَف بن النَّاصِر فَأمر السُّلْطَان القَاضِي جمال الدّين الْجريرِي بوظيفة الْقَضَاء بثغر عدن فَحكم بِالْحَقِّ لَا تَأْخُذهُ فِي الله لومة لائم وَكَانَ ورعا يسْلك من الْوَرع طَرِيقا حَسَنَة حَمده عَلَيْهَا كل أحد ثمَّ انْفَصل عَن ولَايَة الْقَضَاء بثغر عدن بَعْدَمَا عمر فِيهَا مَا تشعت من بيُوت الله تَعَالَى وانتقل إِلَى مَدِينَة تعز حَتَّى استقام السُّلْطَان المسعود وأقامه بِولَايَة الْقَضَاء أَيْضا بِمَدِينَة تعز فَسَار فيهم سيرة حَسَنَة مرضية وَكَانَ مَعَه شَيْء من الْكتب أرسل بهَا إِلَى الْهِنْد عِنْدَمَا صَار فَقِيرا فبيعت لَهُ بِثَلَاثَة آلَاف فاستغنى بهَا عَن كل وَاحِد ودامت لَهُ ولَايَة الْقَضَاء فِي ذِي عدينة إِلَى أَن قربت وَفَاته فطلع من تعز إِلَى ذِي جبلة لشَيْء أوجب ذَلِك فعاجلته الْمنية هُنَالك فَتوفي سنة خمسين وثمانمئة رَحمَه الله ونفع بِهِ
وَحكي أَنه لم يتْرك الصَّلَاة قَائِما فِي مرض مَوته إِلَى أَن توفّي عقب صَلَاة الْعشَاء وَهُوَ على وضوء وَلم يفتر لِسَانه عَن ذكر الله تَعَالَى حَتَّى توفّي
واشتهر لَهُ ولدان أَحدهمَا يُسمى مُحَمَّد ظَهرت فِيهِ النجابة فَتوفي طَالبا للْعلم وَالثَّانِي يُسمى أَحْمد امتحن فِي خلل فِي عقله فِي حَيَاة أَبِيه وَبعد مَوته وَكَانَ لَهُ صلابة على قيام اللَّيْل ودأبه ذكر الله تَعَالَى وَالصَّالِحِينَ وزيارتهم وَتُوفِّي سَاجِدا رَحمَه الله ونفع بِهِ
وَمن المتوفين بِذِي جبلة الْحَاج الصَّالح حَمْزَة الْحرَازِي انْتقل من بَلَده حراز إِلَى مخلاف جَعْفَر فَكَانَ يحفظ كتاب الله حفظا محكما ويقرأه بِصَوْت حسن ثمَّ حدث